القاهرة 26 سبتمبر 2023 الساعة 02:01 م

كتب: صلاح صيام
يعرف كثيرون أن العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال كان يحب أغاني الفنان فريد الأطرش، وقد أحيا "الأطرش" الكثير من الاحتفالات العامة والخاصة بحضور الملك حسين.
ويحكى أن فريد الأطرش وهو في لحظاته الأخيرة على فراش المرض في بيروت عام 1974 نظر إلى أحد الأصدقاء حوله، وطلب منه أن يفتح جهاز الراديو الذي كان بجوار سريره، فانطلقت أغنيته الشهيرة (أول همسة) فتساءل عن المحطة التي تبثها ؟ فقيل له: إنها (عمَّان)، ثم أغمض عينيه وكانت هذه آخر همسة حقًا.
وفي إعلان منشور في إحدى الصحف الأردنية عام 1964، تم التنويه عن حفل بحضور عمالقة الفن كان منهم: فريد الأطرش ومها صبري وشفيق جلال مع الفرقة الموسيقية بقيادة أحمد فؤاد حسن.. حيث أقيم الحفل الغنائي هذا على المدرج الروماني الشهير في عمان.
ومن المعروف قديمًا أن المطرب الموسيقار فريد الأطرش صاحب الألحان الشرقية والصوت الشجي، كان قد جاء إلى عمان عدة مرات، لإحياء بعض الحفلات العامة والخاصة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي .
وفي إحدى المرات زار مقهى الأوبرج الشعبي القديم وسط عمان وجلس على الشرفة الطويلة المطلة على شارع الملك فيصل، مقابل مطعم هاشم الشهير لكن الخيال يأخذنا بعرض مشهد ذهني فيه تساؤل مثل: هل همس الفنان فريد الأطرش وهو يجلس على هذه الشرفة ليلا مترنمًا ببعض كلمات أغانيه العذبة لمناجاة السهر والليل والأشواق؟
هل ترنم بصوت هامس لنفسه أو لمرافقيه مثلا بـ: "سألني الليل بتسهر ليه.. مدام قلبي صبح خالي.. سهرت يا ليل أنادي عليه.. الخ".
وقد زار هذا المقهى في الفترة القديمة نفسها الفنان القدير حسين رياض صاحب الصوت الجهوري المميز في أفلامه المصرية الساحرة باللونين الأبيض والأسود، ومن المفارقات أن هذا الممثل كبير السن وكبير الشهرة في فن التمثيل السينمائي قال مازحًا عندما دخل مقهى الأوبرج في عمان"هوا ده مقهى الأوبرج؟".
وضحك بعدها.. وقال: "عندنا في مصر مقهى الأوبرج قَدْ هذا عشر مرات".. أي أنه فوجئ بصغر مساحة هذا المقهى مقارنة بمقهى الأوبرج في القاهرة. هذا وكان يرافقه إلى هذا المقهى ليلا الفنان الآخر القدير الكوميدي حسن فايق أيضًا.
• في حفل زفاف الملك
وفي عام 1955 أحيا الموسيقار فريد الأطرش حفل زفاف الملك حسين بن طلال رحمه الله على الملكة دينا، وقد أبدع موسيقار الشرق في هذه الحفلة التي قدم فيها مجموعة من أجمل أغانيه إحياء لتلك المناسبة التي كان من حضورها الإمبراطور محمد رضا بهلوي شاه إيران، والملك الشاب حينها فيصل الثاني ملك العراق .
وكان فريد الأطرش قد تعرض في الأيام الأولي من عام 1955م لأول أزمة قلبية، وعندما لبّى دعوة الغناء بالسفر إلى عمان- بعد أيام قلائل من مغادرته فراش المرض، فإن ذلك كان تقديرًا لملك الأردن الذي فضل فريد الأطرش على عشرات المطربين الآخرين الذين سعوا لذلك بشدة.
ولما أقبل صباح يوم الثلاثاء 19/4/1955م، هبطت طائرة قادمة من الأردن في مطار القاهرة، ثم أقلعت في طريقها إلي عمان وعلى متنها فريد الأطرش وفرقة موسيقية مكونة من ستة وعشرين عازفًا.
وفي مساء اليوم التالي وأمام حضور من الصفوة ضم الملك الحسين وعروسه، والملك فيصل ملك العراق، وولي عهده الأمير عبد الإله، وأفراد الأسرة المالكة في الأردن، وكبار رجال الدولة والوزراء وزوجاتهم، وقف فريد الأطرش وقد ارتدّت به روح الشباب من الزهو والسعادة، لينشد في بداية الحفلة أغنية كتبها خصيصا للمناسبة الشاعر صالح جودت وفيما يلي الأغنية ومقطعها الأول:
يا أغلى من أمانينا
يا أغلي من أمانينا
وأحلي من أغانينا
يا زينة الدنيا يا دينا
ياوردة في بلد حرة
وتاج عالي وشعب أصيل
دعانا هاتف البُشرى
وجينا من ضفاف النيل
وقد أتبع فريد أغنية الزفة بوصلتين قدم فيهما أربع من أجمل أغنياته، حيث قدم في الأولي منهما -وهي وصلته الثانية في تلك الحفلة- أغنيته المشهورة "أنا وانت لوحدنا"، ثم أتبعها بأغنيته الجميلة التي كانت تردد آنذاك علة كل لسان "نورا يا نورا ".
|