القاهرة 18 سبتمبر 2023 الساعة 12:38 م
بقلم: علي سرحان
وادي الملوك عبارة عن وادٍ مغلق ضيق يقع في البر الغربي للنيل بغرب الأقصر، خلف صخور جبل طيبة، وهو من الناحية الجغرافية يعتبر تل على شكل هرمي غير عميق تحيط به المرتفعات، ويشبه حفرة كبيرة غير منتظمة الشكل تتوسط مرتفعات حافة الهضبة الغربية، كما أنه يواجه من الناحية الشرقية معابد الكرنك التي تبعد عنه بنحو ثلاثة كيلومترات، والطريق الذي يؤدي إلى وادي الملوك من مدينة الأقصر -بعد عبور نهر النيل- طريق طويل يخترق السهل مارا بمعبد "سيتي الأول" في قرية القرنة، ثم ينثني ناحية الغرب في طريق صخري كثير الانحناء يخترق التلال، ويبلغ طول هذا الطريق نحو 5 كيلومترات.
دُفن ملوك الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين من عصر الدولة الحديثة (حوالي 1550 - 1069 ق.م.) في وادي نهر جاف على الضفة الغربية من مدينة طيبة القديمة، ومن هنا جاء اسمه "وادي الملوك"، غير أن هذا الاسم ليس دقيقًا تمامًا نظرًا لأن بعض أفراد العائلة المالكة بخلاف الملوك تم دفنهم فيه، وكذلك بعض الأفراد غير الملكيين -وإن كانوا رفيعي المستوى-.
وينقسم وادي الملوك إلى الواديين الشرقي والغربي، ويعد الجزء الشرقي الأكثر شهرة بينهما، حيث يحتوي الوادي الغربي على عدد قليل من المقابر، ويضم وادي الملوك إجمالاً أكثر من ستين مقبرة، بالإضافة إلى عشرين مقبرة غير مكتملة لا تزيد عن كونها حفر.
تم اختيار هذا الموقع لدفن الملوك حيث يقع على الضفة الغربية للنيل، وذلك لأن إله الشمس ينزل (يموت) في الأفق الغربي من أجل أن يولد من جديد، ويتجدد شبابه في الأفق الشرقي، ولهذا السبب ارتبط الغرب بالمفاهيم الجنائزية، وكانت المقابر المصرية القديمة تقع عمومًا على الضفة الغربية لنهر النيل لهذا السبب.
وفي وادي الملوك يمكن رؤية قبر توت عنخ آمون الذي اكتشف وهو على حالته الأصلية تقريبًا في عشرينيات القرن الماضي، بالإضافة الى مقبرة رمسيس العظيم، إلى جانب غيرهم من مقابر فراعنة الدولة الحديثة.
•الهدف من بناء وادي الملوك:
كانت الأسرة الثامنة عشرة لديها تقليدها الخاص في دفن الملوك وحدهم في مقابر كبيرة، بينما يُدفن باقي الأفراد في حجره منحوتة تقع بجوار مقبرة الملك، وتعتبر مقابر وادي الملوك من أشهر المقابر التاريخية في العالم حيث قام المصريون القدماء بدفن ملوكهم خلال 500 سنة بتلك الجبانة.
وتعد هذه المنطقة مركزاً للتنقيبات الكشفية لدراسة علم الآثار وعلم المصريات منذ نهايه القرن الثامن عشر، إذ تثير مقابرها اهتمام الدارسين للتوسع في مثل هذه الدراسات والتقنيات الأثرية، وقد ذاع صيت الوادي في العصر الحديث بعد اكتشاف مقبره "توت عنخ آمون" كاملة، وما دار حولها من أقاويل بخصوص لعنة الفراعنة، وظل الوادي مشتهرا بالتقنيات الأثرية المنتشرة بين أرجائه حتى تم اعتماده كموقع للتراث العالمي عام 1979م، بالإضافة إلى مدينة طيبة الجنائزية بأكملها.
ولا تزال عمليات الكشف والتنقيب والترميم جارية في وادي الملوك حتى الآن، وقد تم مؤخراً افتتاح مركزاً سياحياً هناك.
|