القاهرة 12 سبتمبر 2023 الساعة 02:11 م

بقلم: د. حسين عبد البصير
تقع دندرة على بعد 55 كيلومترًا شمال الأقصر على الشاطئ الغربي للنيل، مقابل مدينة قنا. وتتبع مركز قنا. ويوجد بها واحد من أهم معابد المصريين، وهو معبد حتحور، أو معبد دندرة. وهو واحد من أهم وأقدم المعابد المصرية القديمة. وتم إنشاؤه في البداية في الأسرة الرابعة، للمعبودة حتحور إلهة الحب والعطاء والأمومة عند المصريين.
وهناك العديد من الأدلة التي تشير إلى أن الملك بيبي الأول من الأسرة السادسة استخدم الموقع. ويتكون من المعبد الأساسي المكرس للإلهة حتحور، ومعبد صغير مكرس للإلهة إيزيس، بجانب الركن الغربي للمعبد الكبير. ويوجد "الماميزي" (بيت الولادة) شمال معبد إيزيس. وتوجد بحيرة مقدسة غرب المعبد. وينمو فيه النخيل حاليًا. وتوجد آبار محفورة في الأرض. ومن ضمنها مقياس للنيل. ويشتهر المعبد بالمناظر الفلكية المصورة على السقف، والمناظر التي تصور الملوك والأباطرة يقدمون القرابين للآلهة. ويتميز بوجود سراديب مبنية في الجدران والأساسات. ويوجد أيضًا سلمان يؤديان إلى السطح. ويرجع تاريخ بناء المعبد الحالي إلى العصرين اليوناني والروماني حين بناه الملك بطليموس الثالث من الحجر الرملي. وأضاف إليه العديد من الأباطرة الرومان عددا من التعديلات، واستمرت عملية بنائه نحو 200 سنة.
وكانت حتحور واحدة من أهم المعبودات في مصر القديمة. وعُبدت على نطاق واسع؛ لأنها كانت ربة السماء، والرقص والموسيقى، والأمومة في مصر. وكانت مدينة دندرة مركز عبادتها. ويعد معبدها من أفضل المعابد حفظًا في مصر. المعبد ذو معالم فريدة ونقوشه تحتفظ بألوانها منذ آلاف السنين وبه مناظر خلابة بين جوانبه. وهو من أجمل معابد مصر والعالم. ووضع دندرة على خارطة السياحة العالمية. وساهم في التعريف بقنا في العالم. ويتميز بمساحته الواسعة، ورسومه التي تحتفظ بمعالمها الجميلة، وحكايات الإلهة حتحور، ربة الحب والجمال. واحتفظ المعبد بالسور الطيني الذي يحيط المعبد من كل الجوانب.
وتعد واجهة المعبد من أروع واجهات المعابد المصرية. وتتصدر الواجهة ستة أعمدة متوجة برؤوس حتحور. ويتميز المعبد بالمناظر الفلكية المصورة على الأسقف. وما يزال أيضًا يحتفظ المعبد بالكثير من الأسرار. وبه صالة الأعمدة الكبرى، وصالة الإشراق، والعديد من الحجرات الجانبية المحيطة بصالة التجلي ويتميز بفن معماري فريد وغنى باللوحات والنقوش. وزُينت جدرانه وأعمدته بكتابات هيروغليفية وتماثيل محفورة بالغة الدقة والجمال. وتظهر النقوش الموجودة على الجدران الداخلية للمعبد القياصرة الرومان يقدمون القرابين إلى المعبودات على النحو الذي كان يتبعه المصريين. وتعد مناظره الفلكية التي تزين أسقفه تحفة إبداعية، وهو من أبرز التحف المعمارية في مصر.
ويمكن الوصول إلى السقف العلوي للمعبد عن طريق سلالم مزينة بمناظر للمواكب الكهنوتية، وهم صاعدون على السلالم، ويحملون تماثيل حتحور في نقوش جميلة.
ويضم المعبد 12 سردابًا. وكانت هي المكان المخصص للاحتفالات بالأعياد. وهناك صالة الأعمدة الثانية، والغرف الملحقة بها، مثل غرف الفضة والماء المقدس، ثم الغرفة المؤدية إلى السلم، فضلاً عن الغرف الموجودة بالناحية الشرقية للمعبد، ومنها غرفة البخور والدهون، وقدس الأقداس، ومقصورة الإلهة نوت، بالإضافة إلى سردابين علويين من سراديب المعبد.. الأول بحجرة السبع حتحورات المقدسة والسرداب الثاني بحجرة عرش رع. وتحتوي على عدد من المناظر الجميلة وتمثل تقدمات الإله وللمعبد قيمة حضارية وتاريخية كبيرة.
|