القاهرة 22 اغسطس 2023 الساعة 10:27 م

كتب: صلاح صيام
-
اكتشفه الملحن الكبير داود حسني وقدمه للجمهور
شهدت حياة فريد الأطرش ملامح درامية وتفاصيل مأساوية كانت كامنة وراء مشاعر الحزن والشجن التي بدت ملامحها في أغانيه وألحانه، فهو لم يكن أميرا للنغم الشرقي الأصيل فقط، وإنما كان أميرا من سلالة أمراء حيث ينتمي لأسرة عريقة في النضال التاريخي والسياسي العربي ضد الاحتلال العثماني والفرنسي بمنطقة الشام، وهو ابن الأمير فهد فرحان إسماعيل الأطرش من جبل الدروز في سوريا، والأميرة علياء المنذر وله الكثير من الإخوة غير الأشقاء، حيث تزوج والده ثلاث مرات لكن أقرب إخوته الأشقاء إليه هما آمال الشهيرة بالفنانة أسمهان وفؤاد الأطرش.
وعلى مدار حياته تعرض فريد الأطرش للكثير من الصدمات كان أشدها موت شقيقته أسمهان غرقًا وهي في قمة مجدها وشبابها، ما أصاب قلبه بالضعف والمرض الذي لازمه وكان سببًا في رحيله بعد صراع طويل مع الألم.
وفي تصريحات صحفية سابقة، كشف ممدوح الأطرش ابن عم الموسيقار الراحل عن المعاناة الشديدة التي عانتها أسرة فريد الأطرش على مدار سنوات طويلة بسبب الظروف والأحداث السياسية التي مرت بها المنطقة، منذ كان الأب الأمير فهد الأطرش يعمل حاكما لولاية «ديمرجي» في تركيا.
وعندما تزعم سلطان الأطرش ثورة ضد الحكم التركي في دمشق على رأس ألف مقاتل، وتم تحرير دمشق من الاحتلال التركي بعد 400 سنة وطردهم ورفع العلم العربي وطرد الأتراك.
وكان الرد على ذلك بقرار تركي بالقبض على فهد الأطرش الموجود في تركيا، مما اضطره لاصطحاب عائلته للهرب بسرعة قبل اعتقاله، فهرب هو وعلياء المنذر التي كانت حاملا في أسمهان وابنه فريد وفؤاد على عربة تجرها الخيول، ثم استقلوا باخرة من ميناء أزمير التركية إلى اليونان، وكانت رحلة صعبة وولدت خلالها أسمهان في البحر قبل الانتقال إلى بيروت ليعمل والد فريد الأطرش المبعوث السياسي لدولة جبل الدروز من قبل السلطات الفرنسية التي كانت محتلة لبنان آنذاك.
ولما قامت الثورة ضد الاحتلال الفرنسي في لبنان وقادها سلطان باشا الأطرش أيضًا وأخذ الثوار يسقطون طائرات الفرنسيين، صدر قرار من الاحتلال باتخاذ عائلة فهد الأطرش المكونة من زوجته وأطفاله الثلاثة رهائن، فاضطرت علياء المنذر أن تسرع بالهرب مرة أخرى، وهي تحمل أطفالها الثلاثة بملابس النوم من دون مستندات شخصية ولا أوراق رسمية ولا أموال واتجهت إلى فلسطين ومنها إلى مصر.
وفي مصر استقبلها الزعيم السياسي الكبير سعد زغلول الذي كان على علاقة طيبة بالأمير فهد الأطرش، وتوسط لإدخالها وأولادها الثلاثة عبر الحدود المصرية على مسؤوليته الشخصية، نظرا لعدم وجود أي هويات وخصص لهم بيتا وراتبا شهريا قدره ثلاثة جنيهات، ولكن الراتب انقطع بعد رحيل سعد زغلول وتغيرت الأحوال، مما اضطر الأسرة للبحث عن عمل، فعملت الأم في تطريز المناديل وإحياء الأفراح، حيث كانت تمتلك صوتا أجمل من أولادها، وعمل فريد الأطرش في توصيل الطلبات للمنازل لدى أحد المحلات، بينما عمل شقيقه فؤاد في عيادة طبيب أسنان.
وعندما تم اكتشاف صوت فريد بدأ يغني ويدخل لطريق الفن، واستمع الملحن الكبير داود حسني لصوت أخته، فلم يعجبه اسم آمال واختار لها أسمهان، وهو على اسم مطربة فرنسية شهيرة آنذاك، لتبدأ مسيرتهما الفنية الحافلة بالأشواك والمتاعب والأفراح والأتراح.
|