القاهرة 22 اغسطس 2023 الساعة 10:19 م
حوار: سماح عبد السلام
يعَد الخطاط السورى الكبير منير شعراني أحد أبرز الخطاطين المهمومين بإبراز هوية الخط العربي، بوصفه فنًا معاصرًا قادرًا على التطور والارتقاء بجوار مجالات الفن التشكيلى المختلفة دون الاستعارة منها أو التأثر بها، وذلك عبر أبحاثه ودراساته المتباينة في هذا الشأن على مدى ما يقرب من نصف قرن.
فى حواره لـ"مجلة مصر المحروسة" وتزامنًا مع الاحتفاء باليوم العالمي لفن الخط العربى يكشف "شعراني" عن تعامله مع معظم أنواع الخطوط المعروفة وحتى الكلاسيكية بشكل مفتوح بالتركيب والتشكيل على صفحة الثلث والديواني، كما يوضح أنه تعامل مع مجموعة من عائلة الخطوط التركية وأبرزها الكوفي والميسبوري، القيرواني، المربع والكوفي المشرقي بالإضافة إلى تطويره لخط جديد ربما يكون مستوحى من الخط العربي المرسل إلى خط مغربي من جذوره، خط قابل للتشكيل في لوحه فنيه يعتمد على أسس هندسيه في قياساته ونسبه وقابل للتركيب الفني.
ويضيف: تعاملت مع كل هذه الخطوط بروح المعاصرة والتغيير والإضافة والتطوير والعلاقات الجمالية المختلفة عن العلاقات التقليدية التى كان لها علاقة بسمات الزمن والوقت.
وعبر تجربته مع فن الخط العربي يذكر "شعراني" أنه تمرد على الاتجاهات التقليدية التى تهدف إلى تقويض وتقنين هذا الفن فى إطار محدد، ومؤكدًا في الوقت ذاته على أن الخط العربى نتاج حضارة وليس دين ومن ثم لا بد أن يتطور كشأن الفنون الحية، وعلى الرغم من قيامه بتصميم مئات الأغلفة والملصقات إلا أن شهرته كخطاط كانت الأبرز وهو ما يعكس شغفه بهذا الفن الذي يسعى من خلاله لطرح عبارة أو مقولة تفيد الإنسان وتناقش قضاياه في صورة لوحة خطية بصيغ جمالية متباينة.
ويسعى "شعراني" إلى اختيار النصوص التى لها علاقة بالأخلاق وتعامل البشر مع بعضهم، وكذلك الأمور الدنيوية لأن أمور الآخرة مع الله، أما أمور الدنيا فهي مع الناس "بحد وصفه".
ويواصل: لم أذهب إلى نصوص متكررة لأنها محفوظة، بل أريد أن أخدم المتلقي وأضيف له من حيث الوعى أما عدا ذلك يجده في المسجد على الآثار القديمة الخطية أو أحضر له نصوصًا لم يعتد الخطاطين التعامل معها وهى من صلب النص الديني ولكنها توجه للتعامل مع أخيه الإنسان في حياته، بالإضافة إلى نصوص من الأشعار، والحكم، والصوفيين وحتى من الإنجيل وجميعها على علاقة بالإنسان وإنسانيته.
ويرى "شعراني" أن الخط العربى نتاج حضارة وليس نتاج دين، لافتًا إلى استخدامه على المساجد وبعض الأبنية، فضلا عن الحُلى والأنسجة والمعادن والخشبيات والخزفيات إذ لم تتاخذ الكتابات عليها الطابع الدينى، ومن هنا فهو فن شامل للحياة بكل نواحيها، ومن ثم ليس شرطًا أن نكتب به فقط آيات من القرآن يحفظها معظم الناس.
ويستطرد: أود أن أقدّم للمتلقي إضافة جماليّة ومعرفية عبر هذا الفن، ومن هنا كنت أبحث دائمًا عن العبارة التى تفيد الإنسان وتناقش قضاياه، ولها علاقة بالحق والخير والجمال والوجود والفلسفة التى يؤمن بها، ومن هنا كان الشاعر محمود درويش والمعري والمتنبي وأحمد شوقى وابن عربي والنفري عبارات مترجمة تتسق مع ذلك تقع في إطار خياراتي، بحيث تتفق من حيث المعنى والمضمون مع فكري وما أسعى إليه في عملي.
ويختتم: الخط العربى فنّ مستمر ومتطوّر وحي ويسمح لنا أن نضيف إليه بعكس ما كان يُقال ويُروج له من قبل أتباع المدرسة العثمانية.
|