القاهرة 16 اغسطس 2023 الساعة 10:50 ص

بقلم: أحمد محمد صلاح
تاريخ الفلسفة الممتد حتى ستة قرون قبل الميلاد، قد لا تخلو عقوده من محاولات التفلسف وظهور شخصيات عدة، تنتهج مبدأ الفلسفة، فكانت أول مدرسة في الفلسفة عرفها التاريخ أو وثقت هي المدرسة الأيونية.
وتتألف المدرسة الأيونية من ثلاثة فلاسفة هم طاليس، وانكسندريس، وأنكسمانس، وهم جميعا من مدينة مالطية ولذلك تعرف المدرسة باسم مدرسة ملطية، وأطلق عليها أرسطو اسم الطبيعيين الأوليين، فاشتهرت المدرسة بذلك أيضًا، ولو أنه يضم هيرقليطس باعتبار أنه قال بالنار مبدأ أولا للحياة، وقد يطلق عليها أيضًا المدرسة العلمية.
وتعد ملطية أهم ثغور أيونيا وأشهر مدنها الاثني عشرة التي ألفت منها فيما بينها أحلافا قديمة، وتقع ملطية على. مصب نهر مياندروس وكانت أصلح لاستقبال السفن إذ تحميها جزائر صغيرة عند مدخل الثغر، وكانت سفن التجارة تجوب البحر الأبيض المتوسط حاملة البضائع إلى رودس وكريت وفينيقيا ومصر، أو إلى بحر إيجه وشبه جزيرة اليونان، وقامت تجارتها على التين وزيت الزيتون والصوف، والبضائع التي ترد من الهند وفارس، وقد أثرت التجارة في اقتصاد ملطية، حيث تميزت تلك الفترة من عمر الميناء بالرخاء الكبير، وأتاح الاختلاط والتواصل مع الشعوب الأخرى إلى تبادل الفلسفات ومعرفة علوم عديدة من أبرزها الهندسة، والفلك، وعلوم البحار.
• طاليس:
أبرز فلاسفة هذه المدرسة كان طاليس الذي يعد واحدا من الحكماء السبعة وأول الفلاسفة، وعلى الرغم من شهرة طاليس الكبيرة إلا أننا لا نعرف الكثير عن حياته، ويقال أنه تنبأ بكسوف الشمس ومات في نفس السنة التي تنبأ فيها بهذا الكسوف، أما هيرودتس فيقول أن طاليس من أصل فينيقيا من بيت شريف، ويغلب أنه من كاريا في غرب آسيا، والأرجح أنه قد زار مصر ودرس فيها الهندسة بشكل خاص.
وتتضارب الروايات حول الكتب التي تركها طاليس، فلم يشر أرسطو أو أفلاطون إلى كتبه، ولكن يقال أنه كتب كتابا بعنوان "الفلك الليلي" بطريقة شعرية، وكتابا آخر بعنوان "الاعتداليين"، وآخر بعنوان "العلل الأولى"، ويوري جالينوس عنه هذه العبارة "الماء هو المادة الأولى ومنه نشا كل شيء".
ويرجح "الأهواني" أنه لم يؤلف كتبا ولكن تلميذه انكسندريس هو من استطاع تسجيل أفكاره ونسبتها إليه، وعدَّه القدماء حكيما، وسياسيا، وعالما رياضيا، وفلكيا، وفيلسوفا.
حيث يجمع المؤرخون أنه تنبأ بكسوف الشمس يوم 28 مايو 585 ق.م، والذي وضع حدا للحرب بين الليديين والميديين، وأنه أول من كشف الدب الأصفر، وأول من نقل علم الهندسة عن المصريين القدماء إلى بلاد الإغريق، وعرف بعد السفينة وهي في عرض البحر، وارتفاع الهرم من قياس ظله، وبعض النظريات الخاصة بحساب المثلثات.
وعلى الرغم من التشكيك في مقدرة طاليس في علم الفلك، حيث يقال إنه نقل علوم الفلك من المصريين والبابليين، فقد كان لدى المصريين قوائم دقيقة يسجلون فيها مشاهداتهم الفلكية مئات وآلاف السنين، ويستطيعون التنبؤ لآلاف السنين القادمة وهو ما نقله إلى بلاد اليونان، ويقال أن مخترعاته الفلكية خدمت الملاحين، حيث وضع تقويما فلكيا يسمي "بارابيجما" الذي يعد من أقدم ما عرف من نوعه، وفيه يعتمد على أوجه القمر وحركة الاعتدالين والتنبؤ بالطقس.
وللحديث عن طاليس بقية..
|