القاهرة 13 اغسطس 2023 الساعة 12:29 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
تضعنا الحياة في مواقف لم نكن نخطط لها أو حتى نتوقع حدوثها.. ربما لأني ما زلت أسيرة أحلامي وعالمي المثالي! أصاب بصدمة وخيبة أمل كبيرة عندما أرى الوجه الحقيقي للآخرين.. لا أستغرق وقتًا طويلًا في تدارك الأمر، وربط الحقائق، لكن يظل داخلي غصة وحزن لأنهم أخلفوا ظني، لم يكونوا كما توقعت!
أعلم أنه لا يجب أن نكون بمثل هذه المثالية والسذاجة، لكن هذه أنا.. صدمني تعاملي مع بعضهم بشكل مباشر، أدهشني فعلهم، رغم أنهم في أماكن خدمية، تقتصر مهمتهم على تلبية طلبات الغير لا تعقيدها!
عزيزي عمر خورشيد،،
تفاجئني الحياة بالوجه الآخر لها، الوجه المشرق الخفي المليء باللطف والتقدير، يوجد بيننا أبطال تضيء أيامنا الحالكة، شعاع من النور يشق ظلمة الطرق، أشخاص ساقها القدر إلينا وساقنا إليها دون ترتيب مسبقًا، أشخاص قد لا تجمعنا بهم غير الأماكن وتبادل التحايا، يظل لوجودهم المعنوي أكبر الأثر في النفوس.. لا أظنهم كثر بل ندرة نادرة، يستحيل أن يجود الزمان بأمثالهم كثيرًا.. يكفي أن يقوموا بفعل واحد عفوي، ليصبحوا أبطالًا في أعيننا وأعين الآخرين.. فعل واحد قادر أن ينتشلك من غياهب اليأس وظلمات الحزن لبر الأمان والأحلام.
مثال آخر على النقيض تمامًا من أولئك الأشخاص المحبطة التي تجذبك للخلف، وتحاول تصغيرك والتقليل من شأنك!
ضوء برز وسط حطام الحياة.. نموذج للقدوة التي تستحق مكانتها عن جدارة.. "نور" وهو نور في حياة الآخرين.
عزيزي عمر خورشيد،،
بدأت الأجواء في الاعتدال نسبيًا، وبدأت نسمات خريفية تشق سماء حياتنا، رياح لطيفة تحلق بنا في دروب الذكريات والأيام الجميلة..
منذ عام أقمت احتفالًا بعيد ميلاد أمي الحبيبة، سعدت كثيرًا بالتهاني التي قرأتها عليها بالترتيب، مراقبة ملامح وجهها وأمارات السعادة، وتعقيبها على كل شخص وذكرياتها معهم.
هذا العام حلت الذكرى وغابت أمي عن عالمي.. هذا العام لا أجد ما أكتبه عنها.. أشعر أن الكلمات انتهت، وأنها لم ولن تعبر عن حجم الفراغ الذي خلفه غيابها في حياتنا جميعًا.. كل ما أتمناه أن تكون في عالم أفضل من عالمنا لأنها تستحق الأفضل دومًا.. يكفي أنها تحملتنا بكل تناقضاتنا وطباعنا ومشاكلنا بسعة صدر.. رحمها الله ورحم كل عزيز وغال.
عزيزي عمر خورشيد،،
على الرغم من الاستقرار الظاهري للأوضاع الاقتصادية إلى حد ما، إلا أن الوضع مأساوي، الأسعار تزداد بجنون، ونحن جميعًا ضحايا جشع التجار متربحي الأزمات.. لعل أجمل ما في هذه الأزمة هو اختفاء السجائر من السوق تمامًا، أصبح البحث عنها كالبحث عن المخدرات! من مفارقات الزمن القدرية المضحكة سهولة الحصول على الممنوعات بخلاف الحصول على السجائر!! بل ويتعامل أصحاب المحال مع الموجود منها وكأنهم يهربون آثارًا يخفونها ويظهرونها لأشخاص محددة وبسعر مضاعف!
اعتقدت أن باختفائها المفاجئ سيقلع العديد عن التدخين ويبتعدون عن إدمان هذه العادة السيئة، لكنهم ازدادوا تعلقًا بها، رغم رداءة المنتج وغلو ثمنه، ناهيك عن أضراره التي يحفظونها عن ظهر قلب!!
أتعجب حقًا من المدخن!
أتساءل هل ألوث رئتي بنفسي، أنفق الأموال في شيء لا طائل منه! شيء يهدد صحتي ويؤثر سلبًا على حياتي!!
عزيزي عمر خورشيد،،
شاهدت منذ عدة أسابيع سهرة تلفزيونية معك، راقني ما شاهدت.. نحن نفتقد للفنان المثقف، الذي يرغب في المزيد من التعلم والاحتراف، وأنت جمعت كل هذا!
علمك والدك الموسيقى التصويرية وأنت طفل، علمت أنك استمررت تدرس وتطمح للحصول على المزيد من التقدم في المدرسة الملكية بإنجلترا للجيتار..
رغم تميزك، ورغم تفوقك، ورغم أنك الأول في مجالك وأول من أدخل الجيتار على الألحان الشرقية، وطوع هذه الآلة الغربية وجعلها تنبض بالأصالة والحب في شتى الأغاني والألحان مع كبار المطربين..
استمتعت بهذا اللقاء بكل تفاصيله، خاصة ضحتكك الهادئة، لباقتك، ونبرة صوتك الهادئة، ورقيك في كل شيء.
أطالب بإذاعة هذه المقابلات من خلال قناة تعد خصيصًا للموسيقى على القنوات الفضائية، فلدينا تراث قيم وعلامات لا يعلم عنها شيئا سوى أبناء جيلنا، وتجهلها الأجيال الجديدة! وينبغي أن يتعرف عليها الجميع، وأن يفتخر هؤلاء أن لدينا من يمدنا بالأمل، والحب، والأحلام دومًا..
أخيرًا، كن بخير لأكتب لك مجددًا..
|