القاهرة 08 اغسطس 2023 الساعة 01:04 م
![No description available.](https://scontent.fcai19-3.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/364229965_1297918970846131_3545908220111916341_n.jpg?_nc_cat=106&ccb=1-7&_nc_sid=ae9488&_nc_ohc=-MKF7S7rR9IAX_D8POY&_nc_oc=AQn4Qb3Yih9TuMsTWqIvzhIJsEzh5yAYFSPqk_0B3cf1402lai97BjNNqke8RS3AN28&_nc_ht=scontent.fcai19-3.fna&oh=03_AdR7ZV78x-BVkm02QitNaIl4Ob0JhteKz-Hxp2kv-XLXJg&oe=64F98608)
كتب: صلاح صيام
-
فريد الأطرش: "لحم أكتافي من خير مصر".
يعد مثالا صريحًا للوحدة العربية، فقد حصل على أربع جنسيات عربية وحاز أربعة جوزات سفر بأسماء تلك الدول، ولم يكن مجرد مطرب جاء من دولة عربية شقيقة ليصنع شهرته ونجوميته في مصر، ولكنه عشق ترابها، وتنفس هواءها، فجرى حبها في عروقه، ولذلك جاءت عبارته الشهيرة "لحم أكتافي من خيرمصر"، ووصيته الوحيدة كانت بأن يدفن في ترابها بجانب جثمان شقيقته أسمهان.
حصل فريد الأطرش على الجنسية المصرية بعد لجوئه مع عائلته لمصر عام 1923، وتلقى بها دراسته، وفي البداية كانت إقامته تجدد كأي أجنبي، وصدر القرار بتمتعه بالجنسية المصرية عام 1950 ، وقد فرح يوم حصوله عليها فرحتين: الأولى بحصوله عليها والثانية بحصول صديق عمره الفنان عبد السلام النابلسي عليها أيضا في اليوم نفسه.
وكان يعامل معاملة خاصة، ففي الستينيات عندما كان السفر إلى الخارج يتطلب استخراج تصريح إداري تدخل الرئيس جمال عبد الناصر لإعفاء "الأطرش" من استخراج التصريح رغم أن الإجراء بقي ساريًا في مواجهة فنانين مصريين أكثر إشعاعًا منه، وكذلك فتح سعد باشا زغلول أبواب مصر لاستقبال عائلة الأطرش منذ أن بدأت ثورة الدروز ضد الاستعمار الفرنسي، وكانوا مطاردين، ومن بعدها سكن مع شقيقته أسمهان قلوب المصريين.
وقبل أكثر من نصف قرن وقع التليفزيون المصرى -الوليد آنذاك- إذ لم يكن قد أكمل بعد عامه العاشر، في مأزق وصار عليه الاختيار بين القمتين.. هل ينقل حفل الربيع على الهواء الذي يحييه عبد الحليم؟، أم ينقل حفل فريد الأطرش؟، ولم تكن الإمكانيات المتاحة تسمح بنقل أكثر من حفل واحد فقط, والقرار ليس بيد وزير ولا حتى رئيس وزراء.. وانتظر الجميع الرئيس.
ورغم أن الواقع يؤكد أن كفة "عبد الحليم" هى الأرجح، فلم يغن أحد لعبد الناصر والثورة مثله إلا أن "عبد الناصر" الذي لم يكن فقط عاشقا لصوت فريد ولكنه أيضًا كان مقدرا لدور مصر العربي، وكل عربى له في مصر الحقوق نفسها، قرر نقل حفل فريد على الهواء، بينما يسجل حفل عبد الحليم ليعرض في اليوم التالى.
وقد اختزل "الأطرش" كل أشجانه تجاه مصر في أغنيتين خالدتين "يا مصر كنت في غربة وحيد" عندما حبسته ظروف الحرب العالمية الثانية في لندن، ثم أغنية "سنة وسنتين" عندما عاد وغنى لمصر بعد غياب اضطراري لسنوات في لبنان، وتظل هذة الأغنية أقوى أغانيه التي كتبها صديقه الشاعر مأمون الشناوي، وتقول كلماتها:
سنة وسنتين سنة وسنتين وانت يا قلبي تقول انا فين
وتهت ودبت في أشواقي وشفت النيل وعرفت انا فين
في مصر يا عمري يا نور العين
ع الشطين أنا شفت احبابي واخواتي وأهلي وأصحابي
وهواكي والنخل العالي ونجومها ف الليل بتللالي
بكيت من الفرح وطاب الجرح غني يا قلبى اتهني يا عين
في مصر يا عمري يا نور العين.
وموقف وطني آخر للأطرش، حين قامت ثورة يوليه 52 وفتح باب التبرعات لتسليح الجيش، ذهب لمقابلة "عبد الناصر" وأعطاه شيكا بعشرة آلاف جنيه وكان مبلغًا كبيرا في حينها مساهمة منه فى هذا التسليح، وقدم لمصر في مناسباتها الوطنية العديد من الألحان والأغنيات، كما غنى للسد العالي أغنية جميلة جدا "يا أسطى سيّد"، وغني لبورسعيد أغنية من ألحان مدحت عاصم وكلمات أحمد خميس.
وفى رائعته بساط الريح للشاعر "بيرم التونسي" يتجلى حب "الأطرش" الجارف لمصر فبعد أن عبر فيها بصدق عن عشقه لتراب الوطن العربي، أكد فيها عشقه الأكبر لتراب مصر، فبعد رحلة البساط الطويلة في جميع الدول العربية يأمره بالعودة إلى معشوقته ومحبوبته مصر..
بساط الريح قوام يا جميل.. أنا مشتاق لوادي النيل
أنا لفيت كتير ولقيت.. البعد عليّ يا مصر طويل.
|