القاهرة 06 يونيو 2023 الساعة 11:39 ص

بقلم :علي سرحان
قدماء المصريين هم أناس تمسكوا بوتر السلوك والأخلاق، ويشهد على ذلك من خلال نصوصهم وتعاليهم ونصائحهم، وكيف نهجوا سلوكا طيبا نابعا عن أصالة أخلاقية ضاربة في عروق هذا الشعب، ولم تكن حضارة قدماء المصريين فلتة حضارية في عمر الزمن لأن حضارتهم كانت متفردة بسماتها الحضارية وإنجازاتها الضخمة وأصالتها، وهذا ما أضفى عليها مصداقية الأصالة بين كل الحضارات، مما جعلها أم حضارات الدنيا بلا منازع وهذه الحضارة أكثر مكوثا وانبهارا وشهرة بين حضارات الأقدمين.
فلقد قامت حضارة قدماء المصريين بطول نهر النيل بشمال شرق أفريقيا منذ سنة 5000 ق.م، إلى سنة 30 ق.م وهي أطول حضارة استمرارية بالعالم القديم، ويقصد بالحضارة المصرية القديمة من الناحية الجغرافية تلك الحضارة التي نبعت بالوادي ودلتا النيل حيث كان يعيش المصريون القدماء، ومن الناحية الثقافية تشير كلمة الحضارة للغتهم وعباداتهم وعاداتهم وتنظيمهم لحياتهم وإدارة شئونهم الحياتية والإدارية ومفهومهم للطبيعة من حولهم وتعاملهم مع الشعوب المجاورة.
ويعتبر نهر النيل الذي يدور حوله حضارة قدماء المصريين بنبع من فوق هضاب الحبشة بشرق أفريقيا ومنابع النيل بجنوب السودان متجها من السودان شمالا لمصر ليأتي الفيضان كل عام ليعذي التربة بالطمي، وهذه الظاهرة الفيضانية الطبيعية جعلت اقتصاد مصر في تنام متجدد معتمدا أساسا على الزراعة ومما ساعد عل ظهور الحضارة أيضا خلو السماء من الغيوم وسطوع الشمس المشرفة تقريبا طوال العام لتمد المصريين القدماء يالدفء والضوء.
ومن المناظر الفريدة للقدماء التى تدعو إلى التأمل وتلفت الانتباه مشاهد انتصار الملوك على الأعداء وتأديبهم للأسرى، تلك المناظر التى حملت فى مضمونها العزة والكرامة لملوك حملوا على عاتقهم مهمة أمن واستقرار مصر داخليا وخارجيا، ومن أشهر تلك المناظر مناظر أنتصار الملك منتوحتب نب حبت رع مؤسس الأسرة الحادية عشرة وموحد القطرين، حمل منتوحتب تلك المسئولية التى واجهته وفى سبيل توحيد شطرى مصر وكان من أعظم تلك المناظر لوحة النصر الشهيرة والتى كشف عنها بمنطقة الجبلين جنوب الأقصر.
اللوحة من الحجر الجيري للملك منتوحتب، ظهر نوع من تلك اللوحات للملك منتوحتب وهي الدعاية السياسية لتوطيد حكمه للبلاد وانتصاره على الأعداء، وفى سياق ما ذكر صور على تلك اللوحة سجلين الأعلى مفقود منه جزء من اللوحة ويمثل تتويج الملك منتوحتب وانتصاره على الأعداء حيث تظهر زوجا من الأرجل ونقبة ملكية متعددة الطبقات يقبض الملك على صلوجان الواس أمامه حلقتين غير مكملتين تحتهما أربع أوان، أما الجزء الأسفل يصور الملك وهو يضرب أربعة من الأسرى، ميز الأعداء كل واحد منهم بشعاره الأول من المصريين والثانى من النوبيين "سيتيو" والثالث من الأسويين (Sttyw) والرابع "تحنو" من الليبيين، اللوحة تؤرخ بالأسرة الحادية عشرة اكتشاف عام 1819م ومحفوظة بالمتحف المصري بالقاهرة ونقلت حاليا لمتحف العريش، لقد تم تصوير الأعداء وهم عراة كعلامة على حرمانهم من الحقوق وتم تمييزهم بألوان مختلفة.
|