القاهرة 06 يونيو 2023 الساعة 11:13 ص

كتبت: رابعة الختام
• جمال أسعد في نقابة الصحفيين: البطاطين والكراتين ليست عملا سياسيا وليست مهمة الأحزاب
• د.عواطف عبدالرحمن: أفضل اتهامي بالتخابر وظلمي عوضا عن القول بأن في مصر فتنة طائقية
"عندما تحرم مسيحي من منصب يستحقه فهذه طائفية، وعندما تعطي لمسيحي موقعا لا يستحقه فهذه أيضا طائفية".. بهذه الجملة الفارقة فتح المفكر الدكتور جمال أسعد باب الحوار في ندوته بنقابة الصحفيين لمناقشة كاتبه الأحدث بعنوان "أيامي"، الذي يسرد خمس حقب زمنية وتاريخية تحكي تاريخ مصر السياسي والإجتماعي، وما طرأ على الوطن من تغيرات جذري شكلت فارقا في النسيج المصري واللحمة الوطنية.
أدار الندوة الكاتب الصحفي محمود الشيخ، وحضر اللقاء المفتوح كل من الدكتورة عواطف عبدالرحمن المفكرة والأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الروائي والصحفي عادل سعد، الكاتب الصحفي بالأهرام إبراهيم منصور، الكاتب الصحفي نبيل عمر، رسام الكاركاتير نبيل صادق، والكاتب الروائي روبير الفارس، إضافة إلى العديد من الكتاب والصحفيين الذين حرصوا على مناقشة موضوعية جادة ومنفتحة على الآخر..
بدأ "أسعد" حديثه قائلا: أنا ابن الجغرافيا والعادات والتقاليد، تربيت بين أصدقائي وجيراني المسلمين والمسيحين، نشأنا على زيارة السيدة زينب وسيدنا الحسين، بما رسخ بوجداني مفهوم الوحدانية وأن الشعب المصري نسيجاً واحداً، قاومنا الظلامية بالتنوير والفن، أقمت الندوات في مدينة القوصية ولكن هذا الأمر أزعج كثيرين، كنت أقيم الندوات في الكنيسة بالقوصية، استضفت خلال الفترة من 1972 وحتى 1975 رموزا أدبية وفنية مثل، جمال الغيطاني وأسامة أنور عكاشة ورغدة.
لكن الندوات توقفت للأبد، ولم يثنني التوقف بل أشعل حماسي، فكنت أول من قابل "الأنبا شنودة" وقتها بتصريح من وزير الداخلية.
وكانت أحداث مذبحة سمالوط سببا في خروج كتابي "من يمثل الأقباط الدولة أم البابا" حاولت فيه طرح حلول للفتنة الطائفية، تعديل الفكر الديني وليس الدين، لأن الأول يختلف من شخص لآخر وقابل للتعديل بينما الدين، طقوس ونصوص وعبادات تختلف.
استطرد أسعد: منظمة الشباب أعدت جيلاً حقيقيا من الشباب المستنير، والاتحاد الاشتراكي.
وعن أهم محطات حياته قال: أصبحت عضواً بمجلس مدينة القوصية وعمر تسعة عشر عاماً ثم زاد طموحي أكثر بعد انضمامي لحزب التجمع وتمت مهاجمتي حين ترشحت أكثر من مرة للبرلمان، نظر لي الإخوان على أني "قبطي نصراني" فأقصوني من المقاعد الأولى، والأقباط رأوا أن فوزي بفارق 7000 صوت ورائه أصابع الإخوان، فكنت منبوذا من الجانبين، وصولاً إلى حركة كفاية التي دعوت جميع التيارات لدعمها فوجدتهم يريدون التسلق عليها بصفتهم الحزبية حتى سقوط النظام في يناير.
رفضت أن تكون "حركة كفاية" تجميع لفاشلي الأحزاب وطالبتهم بأن يمثل كل واحد نفسه، وقلنا لا للتوريث، لا للتمديد، لا للتطبيل.
استعرضت الدكتورة عواطف عبد الرحمن نشأتها جنبًا إلى جنب مع بيوت المسيحيين وممارستهم جميعاً لشعائر الديانتين كأخوة بالدم وليس في الوطن فقط، وذكرياتها في المعتقل وكيف احتضنتها الكاتبة لطيفة الزيات وهي تبكي مستنكرة إتهامها بإحداث فتنة طائفية.
مشيرة إلى أن اتهامها بالتخابر مع دولة أجنبية رغم كذب الإدعاء وظلمها إلا أنه أهون من إحداث فتنة طائفية وهي التي تربت في بيوت مسيحين لا يفصل بينهم غير حائط.
وأردفت: المسيرة النضالية المشتركة مع المصري جمال أسعد تسمح لي بالكثير، نحن أبناء جيل رأى فطار أول رمضان الآباء والقساوسة جنباً إلى جنب مع شيخ الجامع، والنساء يحملن الصواني والأطفال بالدوارق، ولم نبتلع كذبة أن بمصر فتنة طائفية.
وطالبت عبدالرحمن بتغيير الفكر الديني وليس الخطاب الديني.
والتقط الصحفي روبير الفارس أطراف الحديث مشيراً إلى أن: مكرم عبيد وجمال أسعد أكثر من هاجمهما الأقباط قبل المسلمين رغم مواجهتهم للمتطرفين في كل الأديان.
مطالباً الدكتورة عواطف عبد الرحمن، بتقديم توصية لعمل شارع باسم "جمال أسعد" بالقوصية، كبرلماني مارس عمله النيابي بكل نزاهة وشرف، ولم يتربح من عمله السياسي، وصارع أحزاب سياسية وتنظيمات كبيرة كالإخوان.
وعوضاً عن إحتفاء الكنيسة به لفظته هو وكمال زاخر وآخرين لمجرد إلقاء الضوء على البابا شنوده!
رداً على سؤال الإعلامي منصور شاهين عن تجربة جمال أسعد الحزبية قال: كتابي "أعترف" ملخص تجربتي الحزبية، عن فشل التجارب الحزبية! فالأحزاب بنت جغرافيتها كما حدث في دول أوروبا، فبعد الثورة الصناعية وبداية ثورة العمال تعاظمت الحاجة لتكوين نقابات عمالية قوية تضمن حقوق العمال، قبل نشوء الحاجة للأحزاب السياسية، التي استوردناها كما هي دون رؤية سياسية أو تاريخية وحزبية، وقامت فكرتها على الزعامة الفردية فقط حين بدأها عرابي بالحزب الوطني وبعده مصطفى كامل.
الأحزاب بلا جماهير كجمعيات دفن الموتى، فالأحزاب ليس من عملها الكراتين والبطاطين، فهذا ليس عملاً سياسياً، وبعض رؤساء الأحزاب لا يعرفون حتى برامج أحزابهم!
واستطرد: لا انتماء بدون مواطنة حقيقية، وهذا لن يتأتى بغير تحقيق فعال وواقعي لممارسة حرية الرأي والتعبير، والحوار الوطني لابد أن يبدأ من النجع والقرية مرورًا بما هو أكبر حتى يتجمع ويصل إلى النخبة وليس العكس، فلا يوجد حوار نخبوي أبدا وعلى النظام أن يسمح بممارسة حرية الرأي والتعبير.
وانتقد أسعد بعض الممارسات الشعبية كوثيقة الدفن قديماً، وأن بيت المسيحي لا يعلو على بيت المسلم، وهو ما أدى إلى ترسيخ مشكلات طائفية.
يحسب لأسعد أنه حكاء بارع يسرد بعادية فارقة غير أن ما يواجهه هو معضلة كبيرة فتغيير العقول والأفكار أصعب أنواع التغيير، وهذا ما أكده رسام الكاريكاتير نبيل صادق الذي قال: "إن مصر تحتاج إلى مثقفيها الحقيقيين ليقترب منهم الشباب والأجيال الجديدة ليخرج جيلاً واعيا مستنيراً ينشر ثقافة قبول الآخر على كافة المستويات".
جدير بالذكر أن المفكر جمال أسعد ابن مدينة القوصية بمحافظة أسيوط كان نائباً بمجلس الشعب المصري لدورتين برلمانيتين (1984 ـ 1987) وتم تعيينه بمجلس الشعب لعام 2010 بقرار من رئيس الجمهورية).
|