القاهرة 30 مايو 2023 الساعة 01:41 م

كتبت: نضال ممدوح
تعد مذابح الأرمن، والتي بدأت في 1915، علي يد الأتراك لإبادة شعب الأرمن، من أبشع المجازر في تاريخ الإنسانية، حيث تخلف عنها تشريد وذبح أكثر من ثلاثة مليون من شعب الأرمن.
وفي كتابه "الأرمن في القدس عبر التاريخ"، والصادر عن المجلس الأعلي للثقافة، يقدم مؤلفه الباحث دكتور ماجد عزت إسرائيل، نبذة تاريخية عن الجذور التاريخية للجالية الأرمنية في القدس، موضحا أنها: "ترجع إلي القرون الأولي الميلادية، وتعد أقدم جاليات الشتات هي القائمة حتي الآن خارج الوطن الأرمني، هذا وقد وصل الأرمن لأول مرة إلي فلسطين مع الفيالق العسكرية الرومانية كجنود وإداريين وتجار وحرفيين، وبعد ذلك وصلت أعداد أكبر في القرن الأول قبل الميلاد مع وصول الملك الأرمني "تيجران" إلى عكا على البحر المتوسط أثناء فتوحاته للمنطقة.
• الأرمن في القدس خلال الحقبة المسيحية
ويلفت "عزت" إلى أن: "استقرار الأرمن الفعلي في الأرض المقدسة قد تم خلال الحقبة المسيحية، إذ كان الرهبان الأرمن من بين أوائل من شيدوا الأديرة في الصحراء في فلسطين، وفيما بعد القرن الرابع والقرن الثامن الميلاديين شيد الأرمن ما يربو علي 70 ديرا في جميع أنحاء الأرض المقدسة، وإن كان عدد الأديرة التي شيدت في القدس موضع خلاف، وبحلول القرن السادس الميلادي، كان الأساقفة قد استقروا حول ما أطلقوا عليه "جبل صهيون"، مما يؤكد أن أعدادا كبيرة من الأرمن أقاموا في المدينة، وأنهم استقروا بشكل دائم في منطقة بعينها.
• الفئات التي شكلت الجالية الأرمنية في القدس
ويوضح "عزت": شكلت الجالية الأرمنية في القدس فئتين إحداهما قديمة أقامت في دير "مار أكنجل" والمعروف باسم "دير الزيتونة" ويقع بالقرب من دير مار يعقوب. وهؤلاء هم الذين هاجروا من أرمينيا نتيجة لظروفها الجغرافية وتعرضها للاضطرابات والاعتداءات السياسية وشكل هؤلاء النواة الأولي للجالية الأرمنية بالقدس. وزاد من عددها هجرة الأرمن في مصر إليها نتيجة لاستيلاء المماليك الأكراد علي الحكم في مصر، لذلك العداء التقليدي بين الأكراد والأرمن، وقد طرد الأكراد بطريركهم والرهبان من دير البساتين وصحبهم أتباعهم، فرحل بعضهم إلي القدس سنة 1172 م، وانعكس ذلك على المدينة، فزاد عدد الجالية الأرمنية بها.
ويمضي "عزت" لافتا إلى: "أما الفئة الثانية فهي حديثة العهد، جاءت إلي القدس بعد المذابح التي تعرض لها الأرمن علي يد الأتراك (1894 ــ 1896)، والتي نجم عنها هلاك نحو (100 ــ 150) ألفا أما نتيجة مباشرة للقتل أو نتيجة للجوع والتشريد والبرد والمرض، كما هاجر آلاف الأرمن إلي البلاد العربية، وكانت القدس من أهم المدن التي استقروا بها. ولم ينس الأرمن الموقف النبيل للعرب تجاه اللاجئين أثناء مأساتهم الكبري. وقد تركزت هذه الفئة في دير ”مار يعقوب" بالقرب من باب النبي دادو في الجنوب.
وفي العام 1945 بلغ عدد الجالية الأرمنية بالقدس في سنة واحدة نحو خمسة آلاف، بعد أن كانوا 1500 فقط في سنة 1187م عندما وقعت المدينة في يد صلاح الدين الأيوبي. ومن حيث العقيدة ينقسم الأرمن إلي فئتين: أرمن أرثوذكس، وأرمن كاثوليك.
• أسباب زيادة أعداد الأرمن في القدس
ويستخلص الباحث ماجد عزت الأسباب التي أدت إلي زيادة عدد الأرمن في القدس عبر التاريخ مشيرا إلي أن هذه الأسباب تتلخص في:
الهجرة السكانية المبكرة لسكان أمينية نتيجة لطبيعتها الجغرافية وعدم الاستقرار السياسي، فهجرها بعض السكان إلي مناطق متفرقة من العالم، فكانت القدس جاذبة للأرمن.
هجرة الأرمن المقيمين في مصر عقب قيام الدولة الأيوبية علي يد صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر الميلادي، وكانت القدس ملجأ لهم.
وأخيرا تعرض الأرمن في بلاد تركيا للمذابح بين عامين (1914 ــ 1918) فهاجروا إلى القدس.
|