القاهرة 07 مايو 2023 الساعة 10:59 ص

بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
مرت أيامنا الجميلة بسرعة، وجئتك بلهفة لأكتب لك..
تابعت مع الملايين مباراة كأس السوبر المصري الأكثر إثارة للجدل حتى قبل بدايته، بين فريقي النادي الأهلي وبيراميدز.. مباراة من أمتع مباريات كرة القدم التي قد تمر بعمرنا! بها متعة، وتشويق، وحماس، وخوف.. نقلت الكاميرات لحظات السعادة والألم! نسي الجميع كل شيء وحبست الأنفاس مرددين "يارب".. أكاد أسمعها على لسان كل المشاهدين.. سقط مدافع النادي الأهلي فور انتهاء المباراة فاقدًا للوعي! مرت لحظات بطيئة قاسية على كل من داخل الاستاد والبيوت، ولسان حال الجميع "احفظه يا إلهي"! حتى استعاد وعيه، ليلتقط طرف الخيط صديقه الجزائري حيث حمله في عربة الاستاد وطاف به الملعب ليشاركه فرحة الجماهير بالفوز.. والسلامة..
تظل كرة القدم ساحرة لأنها تخطف القلوب وتخلب الألباب..
عزيزي عمر خورشيد..
قابلت -أخيرا- صديقتي، صديقة الممر الحبيبة.. انقطعنا لفترة طويلة لظروف قهرية، ثم تجدد اللقاء..
افتقدتها حقا.. افتقدت التحدث معها، والضحك معها، والانغماس في تحليل الشخصيات، وتفسير ما قد احتار به، فدائما من يكون خارج إطار الصورة أكثر إلماما بالمشهد لأنه يرى الصورة بشكل أوضح.. تحدثنا كثيرا، وضحكنا أكثر، معها أنسى همومي وتتلاشى كل أحزاني.. وحدها تعيد شحن طاقتي..
جاء لقاؤنا عفويًا بشكل تام، لم نرتب له، لكنه كالعادة كان ممتعا ثريا ومريحا..
عها وحدها أكون على طبيعتي بلا أقنعة، ليقيني أنها تقرأني جيدًا، ترى جوهر كل شيء وأي شيء.. نادرًا ما تجد شخصية مثلها متسامحة، طموحة، جميلة مفعمة، بالنشاط وذكية وأمينة..
محظوظة أنا بمعرفتها.
عزيزي عمر خورشيد..
أرسل لي صديق صورة لك برفقة العندليب، أخبرني أن الصورة لفتت نظره وأنها تتحدث عن نفسها، تأملتها جيدًا لأجدك تقف بشموخ تعزف على جيتارك والابتسامة تزين وجهك، والعندليب يقف أمامك مبتهجا، مرتاحا وكيف لا يكون وجيتارك الذي يداعب القلوب يعزف في خلفية أغنيته الرائعة..
محظوظ هو إذ قابلك وعمل معك..
لم يشعر بغربة في وجودك.. من ذلك الذي قد يشعر بغربة في ظلك وليس في وجودك ذاتك؟!
يكفي أن تعزف فتطرب الآذان، وتحلق الأرواح، وتذوب القلوب.. أنت والعندليب ثنائي رومانسي حساس من النادر أن يتكرر.
عزيزي عمر خورشيد..
قرأت قصة آلمتني إن شئت الحقيقة، لم تكن بجديدة بقدر الألم الذي ينبض منها..
يقول صاحبها إن هناك أسرة عاشت بمصر، ثم سافرت لإحدى دول الخليج، ثم افترقوا عندما كبر الأبناء وصار لزاما عليهم الالتحاق بالجامعة بمصر، ليظل الأب وحده مغتربا، والأم برفقة الأبناء، ظل هكذا حتى مرض وعاد ليفاجأ بجفاء أسرته، لا استقبال يليق، ولا تقدير لتضحياته.! معاملة جافة تصل حد الحماقة والتطاول!
نهاية القصة أنه عاش مظلومًا ومات منسيًا!
آلمني مصير الأب.. أرى أن الأب في مجتمعنا العربي مهمش، وأراه بطلا خفيا، مضح كبير، يقدم كل شيء ولا يحصل على أي شيء.! طلباته قليلة وتكاد أن تكون نادرة، ورغم ذلك لا يسلط الضوء على دوره في بناء الأسرة، رغم أنه الأساس، لولاه لما كان للبيت وجود أو استقرار مادي ومعنوي!
كان لي صديقة سافر أبيها كبطل قصتنا، تخبرني أنها تكره العطلة، لأنه يأتي ويمكث معهم، تخبرني أنهم اعتادوا غيابه!
"اعتادوا غيابه"؟!
توقفت أمام جملتها، وسألت نفسي لماذا لم يعتادوا وجوده؟! أم تراهم يخشون اعتياد وجوده فيسافر مرة أخرى؟! هل يخشون المرور بتجربة فراق تؤلم؟أم تراهم يكرهون قيوده، حرصه، خبرته، ونصائحه؟!
لا أخفي عليك أصبحت لا أميل للحكم على أي شيء مهما كان واضحا إلا بعد الإلمام بكافة الجوانب، رغم ذلك لم أمنع نفسي من الانحياز لأي أب مهما كان لدينا من تحفظات على طريقة تعاملهم معنا، ليقيني أن داخل كل أسرة بطل أسطوري خفي، آخر ما يفكر به نفسه..
حفظ الله كل أب، ورحم كل من فارقنا..
عزيزي عمر خورشيد..
قطعا لو كنت قد رزقت بطفل ستكون أبا لا غبار عليه.. فمن يبهرنا بأمتع النغمات قطعا سيكون أبا لا مثيل له..
ختامًا كن بخير، وإلى لقاء.
|