القاهرة 02 مايو 2023 الساعة 11:40 ص

كتب: صلاح صيام
كشفت صفحة تابعة لأسرة ملك مصر الراحل فاروق الأول على أنستجرام، عن وفاة الأميرة نيفين عباس حليم، ابنة النبيل عباس حليم حفيد محمد علي باشا، عن عمر يناهز 93 عامًا.
وقد ولدت الأميرة نيفين عباس حليم، في 30 يونيو 1930، وهى ابنة النبيل عباس حليم حفيد محمد علي باشا وقد كان في الجيش الألماني ثم الجيش التركي في الحرب العالمية الأولى، ليستقر في مصر بعد ذلك.
ووالدة الأميرة نيفين، لم تكن أميرة رغم أنها حفيدة الخديو إسماعيل، أما عن الإخوة، فلها شقيقة وهي أوليفيا، وقد توفاها الله منذ عدة سنوات، وأخوها محمد علي وهو مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تزوجت النبيلة نيفين عباس حليم بعد ثورة يوليو 1952 من زميل لها في الجامعة هو صلاح العرابي، ولكنها لم تنجب لأنها أجرت عملية بالقلب منعتها من الإنجاب، ثم طلقت بعد 6 سنوات من الزواج ولم تتزوج مرة أخرى.
وسافرت الأميرة نيفين عام 1961 إلى سويسرا، وعملت سكرتيرة في إحدى الشركات، وظلت تعمل بسويسرا لمدة 25 سنة، ثم عادت الى مصر لتستقر و تعيش في قصر والدتها بالاسكندرية، ولكنه الآن ملك للحكومة، وقد سمح لها الرئيس السادات بالعيش فيه حتى وفاتها.
"ونيفين" إحدى أميرات الأسرة الملكية التي عاشت في قصر بمنطقة "شدس" بالإسكندرية، والدها النبيل عباس حليم حفيد محمد علي باشا والذي كان رئيس نادي السيارات، ووالدتها توحيدة مدحت يكن حفيدة الخديو إسماعيل، دخل والدها السجن بسبب دفاعه عن الفلاحين لتصبح هي أميرة على الحافة، لا تدخل السراي ولا علاقة لها بما داخلها.
وكانت قواعد البلاط الملكي تقتضي عدم خروج الأميرات من القصر قبل سن 18، لكن عندما وصلت الأميرة نيفين إلى سن 15 عاما وافقت والدتها على ذهابها للمدرسة، حيث كانت تريد الالتحاق بالجامعة وكان لابد من الحصول على شهادة، فالتحقت بمدرسة "الإنجليش سكول" في مصر الجديدة، فأصبحت من "دراويش" أم الدنيا، وتشربت حبها وسرت فى دمائها جينات عشقائها الذين يهيمون فى محبوبتهم ولا يستطيعون الفكاك من هواها الذى سلب عقولهم، ليعترفوا بهذا العشق دون خجل ويعلنوا انضماهم إلى قائمة المتيمين بحبها.
تقول الأميرة نيفين عباس حليم عاشقة مصر -خلال أيام النفي العصيبة-: "كنت دوما أتذكر مصر التي كانت مرتبطة لي بالضوء وأشعة الشمس، ولا أقصد بذلك أشعة شمس منتصف الظهيرة الحارقة، ما أقصده -وإن كان صعب وصفه- هو شعاع غروب الشمس الذي نراه عبر النيل أو عند الأهرامات، أو على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الإسكندرية، أو تلك الأشعة البيضاء الساطعة فوق البحر الفيروزي في سيدي عبد الرحمن و الساطعة على ساحل البحر الأحمر، هي الاشعة الوردية الذهبية التي تلامس الرمال وأشجار النخيل وأنت تبحر في النيل من الأقصر إلى أسوان".
"مصر بالنسبة لي هي كضوء النهار الخفيف الذي لا تستطيع وصفه، و لا يمكنني أبدا أن أحصي مظاهر جمال مصر، نعم هناك بعض الجوانب السلبية وهذا منطقي فكل شئ له جانب سيئ، وحتى إن بدأت في التفكير في السلبيات ستطغي عليك الايجابيات التي تمثل قمر أبيض ضخم يحول أي قبح إلى جمال".
وتواصل الأميرة العاشقة لتراب المحروسة: "هناك ضوء آخر هادئ وناعم ومضئ في نفس الوقت، مع نسمات هواء الخريف التي تجعلك لا تشعر بأي شيء حولك حتى المباني الشاهقة، فهذا الضوء أشعر به عند الفجر بعد يوم شاق أو عند السفر مبكرا إلى المطار، أما في الليل عند عبور أحد جسور النيل المزينة بمصابيح ذات لون أصفر، أرى نهر النيل الذي يعكس ضوء القمر و النجوم، حينها لا تركز في شئ آخر سوى الضوء و النهر مع صوت الاذان الجميل الذي يدعو للصلاة".
وتضيف الأميرة العاشقة: "كنت أتابع أخبار مصر باستمرار، ولن أنسى أننى قضيت فيها أجمل أيام حياتى، خاصة فى الإسكندرية، صحيح مرت علينا أيام صعبة بسبب اشتغال والدى بالسياسة، ووقوفه إلى جوار العمال، وتأسيسه أول حزب عمالى مصرى، لكننا كنا سعداء لأننا نعيش فى مصر".
وأضافت أن الرئيس السادات وقف بجوار الأسرة كثيرا، فقالت فى إحدى حوارتها الصحفية: عقب قيام الثورة استمرت الأسرة فى مصر حتى عام 1960، ولكن كل الناس تنكروا لنا وكانوا يخافون من زيارتنا، خصوصاً الذين كانوا مقربين لنا، باستثناء الخدم فى المنزل، حيث كانوا يساعدوننا أحيانا لأنهم تعلقوا بنا كثيرا، وكانوا يحبون أسرتى، ورفض كل من يعرفنا توفير فرصة عمل لى لأنهم كانوا يخافون من الثورة ورجال الثورة، فقررنا السفر للخارج، وحصلت على تأشيرة للعلاج، وسافرت إلى أوروبا ثم إلى أمريكا".
وتكمل الأميرة الراحلة: "الرئيس السادات لم ينس لوالدى أنه ساعده ووقف إلى جواره وهو فى السجن، لأن والدى أعطاه مالاً وملابس وهو فى وقت الشدة، لذلك لم ينس السادات لوالدى وقوفه إلى جواره، ورد لنا الجميل عندما أعاد لنا منزلنا الذى كنا نعيش فيه فى حى "جاردن سيتى"، كما أنه عندما حاكمت الثورة والدى بتهمة الخيانة، كان الرئيس السادات فى المحاكمة فأخذ والدى حكم عشر سنوات مع إيقاف التنفيذ بفضل السادات، عليه رحمة الله".
وقد سجن أبي في عهد حكومة إسماعيل صدقي باشا لأنه نشر خطابا مفتوحا فى الصحافة يطالبه فيه بضرورة تغيير الدستور، وتغيير الوضع القائم، وحذره من احتراق البلد بسبب سياساته، فكان رد فعل الملك فؤاد أن سلبه لقب "النبيل" ثم سجنه، وقبل إصدار قرار القبض عليه اجتمع البرلمان المصرى فى فندق الكونتيننتال -لأن المجلس كان محلولاً بأمر إسماعيل صدقى- ومنحوا عباس حليم لقب "شريف"، فخلع والدي الطربوش وارتدى "باريه" العمال، وأصبح يلقب بالشريف عباس حليم، مما أغضب الملك فسجنه، وعندما جاء الملك فاروق أفرج عنه فورا، وأعاد إليه رتبة "نبيل".
وتستطرد الأميرة الراحلة: "كنت طفلة عندما شهدت مصر حريق القاهرة، وأتذكر أن والدي طالب الأحزاب بتأليف جبهة موحدة لعلاج الموقف، ولف على جميع رؤساء الأحزاب حتى المرشد العام للإخوان المسلمين، لكن دون جدوى، وبالفعل حدثت ثورة يوليو، فانتقل الملك إلى المنتزه، ووافق على التنازل عن العرش، ورغم محاولات أبى لإثناء الملك فاروق عن التنازل فإن الملك رفض التمسك بالحكم، وقرر أن يترك مصر حرصا على دماء أبنائها، ولكي لا تقع حرب أهلية بين المصريين".
ونفت الأميرة محاولة احتراف الفن قائلة: "لم أمتهن الفن أو التمثيل، وإنما كنت أحب التمثيل فى المنزل مع أشقائي وأصدقائي، يعنى "لعب أطفال نعمل مسلسل أو نعمل نفسنا فنانين ونجوم"، خصوصاً أن كثيرا من نجوم عصرنا كانوا أصدقاء للأسرة، مثل أنور وجدى وليلى مراد وعمر الشريف وغيرهم ممن كانوا يترددون على منزلنا".
|