القاهرة 02 مايو 2023 الساعة 11:26 ص

بقلم: د. حسين عبد البصير

لم تحظِ ملكة عبر العصور بما حظيت الملكة الأشهر كليوباترا السابعة به من عشق وهيام وإعجاب ليس له مثيل عبر الأزمنة والعصور.. كانت الأسرة البطلمية شبه ميتة قبل وصول كليوباترا إلى حكم مصر، غير أنها عجّلت باحتلال الرومان لها، ليس عن طريق القوة العسكرية فقط، بل عن طريق إلهاب قلوب وعقول قادتها، مما دفعهم إلى احتلالها وتحويلها إلى جزء من الإمبراطورية الرومانية.

كانت كليوباترا تخطط للعودة إلى حكم مصر. وكان الصراع في روما للسيطرة عليها على أشده بين يوليوس قيصر وصديقه بومبي، وانتهى الصراع بهزيمة بومبي، وهروبه إلى مصر، وقتله. ووصل قيصر إلى الإسكندرية. وعلم بالمشكلات التي بين كليوباترا وأخيها على الحكم؛ فأرسل في طلبهما، ودخلت القصر من خلال خادمها الذي لفها في سجادة؛ فخرجت منها كأفروديت من القوقعة، فانبهر بها قيصر. وبعد هزيمة أخيها، أعلنها ملكة على مصر.

في روما، اندلع الصراع بين أنصار وأعداء قيصر، وتزعم جيش الأنصار مارك أنتوني وأوكتافيوس، وانتهى الصراع بهزيمة أعداء قيصر، واقتسام الملكية بين أنصار قيصر، وكان نصيب أنتوني الجزء الشرقي من الإمبراطورية.

أرسل ذلك العاشق القديم إلى كليوباترا طالبًا اللقاء، ولم تبذل الكثير من المجهود؛ فكان على أتم الاستعداد للوقوع في شباكها، وأنجب منها ثلاثة أبناء، بل أعلن أن أبناءه منها هم الأبناء الشرعيون، وأعلن زواجه منها، وقام بتطليق زوجته شقيقة أوكتافيوس، وأعلن أن كل الولايات الشرقية ملك كليوباترا، وأن الإسكندرية هي عاصمة الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية.

أعلن أوكتافيوس الحرب على أنتوني، وبدأ يشهر به وبكليوباترا، ونجح في الحصول على موافقة السيناتو في شن حرب للقضاء عليهما، والتقى الطرفان في موقعة أكتيوم البحرية، وهُزما فيها، ودخل أوكتافيوس مصر واستولى عليها، وبهزيمة وموت كليوباترا تسقط دولة البطالمة، وتدخل مصر تحت الحكم الروماني.

كانت الملكة الجميلة والذكية والمثيرة كليوباترا هي وريثة المصريين القدماء، وسليلة البطالمة، وملكة هزت العالم، وغيرّت التاريخ، واهتمت بها الآداب والفنون في العالم كله قديمًا وحديثُا أكثر من أية ملكة أخرى عداها شاء من شاء وأبى من أبى.

هناك فيلم ذو نزعة معادية ومشوهة للحضارة المصرية سوف يُعرض قريبًا، يظهر كليوباترا ببشرة سمراء على غير حقيقتها. وللرد على هذا الفيلم، لابد أن ننتج فيلمًا نرد به على كل هذه الإدعاءات الكاذبة عن الملكة كليوباترا. ونعلم أن لهذه القناة دورًا معروفًا لن تغيره. وعلى كل المعنيين في مصر بشأن التراث والآثار والتاريخ والسينما الرد بشكل مناسب يوضح الحقيقة. وأن يكون الرد بفيلم مقابل فيلم، أو بمقال مقابل مقال، وأن ننشر هذا الفيلم، أو هذا المقال، بكل اللغات في كل الوسائل في العالم كله. وهذا، في رأيي، هو أبلغ رد. 

ولابد أن نكون سباقين، ونعد أفلامًا عن مصر القديمة وأبرز ملوكها وملكاتها والقضايا التي تشغل الناس في العالم عن مصر القديمة بكل اللغات، وأن نكون جاهزين بحيث نرد بهذه الأعمال التاريخية والأثرية الصحيحة. 

ولن تكون هذه هي المرة الأولى، ولن يكون هذا الفيلم هو الأخير، أو الدعوة الأخيرة، إلى سرقة حضارتنا المصرية العظيمة. فكفانا صمتًا على تزوير وسرقة وتزييف الحضارة المصرية القديمة وأشهر ملوكها وملكاتها. استعدوا للدفاع عن حضارتكم المصرية القديمة وكل ما يتعلق بها؛ حتى لا نفاجأ في يوم من الأيام، ليس ببعيد، بسرقة حضارتنا المصرية العظيمة من بين أيدينا دون أن ندري.