القاهرة 25 ابريل 2023 الساعة 09:17 ص

كتب: علي سرحان
كانت الأزمات الغذائية في مصر القديمة في أغلب الأحيان بسبب حصاد ضعيف بعد فيضان منخفض أو مدمر، وتطوّرت هذه الأزمات إلى لمجاعات عند فشل المسؤولين الحكوميين أو المحليّين في تنظيم التوزيع والتخزين، وقد يؤدي الحرمان من الغذاء والأمراض المتعلقة بالجوع إلى نسب وفيات متزايدة، و الهجرة، والانهيارات الإجتماعية.
اعتمد إنتاج الطعام في مصر القديمة على زراعة أراضي وادى النيل التي تسقى وتخصب بها فيضان سنوي. ولأن مستوى الفيضان كانت غير منتظمة، تكررت الأزمات الغذائية بشكل عادل في كثير من الأحيان، التي تتراوح من نقص الغذاء إلى المجاعة، و"المجاعة" كمصطلح بالمعنى الدقيق للكلمة، ينبغي أن تكون سببا في "النقص الحاد في الأساسيات المواد الغذائية، مما يؤدي من خلال الجوع إلى زيادة كبيرة في معدل الوفيات في المجتمع أو المنطقة، وتنطوي على الانهيار للنظام الاجتماعي والسياسي والأخلاقي.
وتكون فترة المجاعة مروعة حيث يعم القحط بالبلاد، واذا استعنا بالمصادر الكتابية والأدبية والقرآنية من القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف فإنها أمدتنا بالمزيد عن أحداث تلك المجاعة ويعتقد أن ربما تلك المجاعة ذكرت أحداثها بالقرآن الكريم "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ. قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ" صدق الله العظيم، ولقد حدثت مجاعة كبيرة في مصر العليا حيث كانت فترة مظلمة في تاريخ مصر سادتها الفوضى وصراعات وحروب بين الأقاليم والقبائل بسبب نقص المواد الغذائية، حتى فترة جفاف نهر النيل التي حدثت أجبرت سكان الصحراء الغربية والشرقية على الاستقرار على ضفاف نهر النيل، وقد أورد "عنخ تيفي" في سيرته الذاتية ما يذكر به مآثره وحسن إدارته لإقليمه.
كما يظهر موضوع المجاعة بالنصوص والمناظر كتعبير عن الفوضى، مؤداه الدور السياسي واللاهوتي للملك (أو حامي إقليم أو إله، موزع الغذاءً)..
"فليحيا الإله الكامل، الذي في الأمواه، إنه غذاء مصر وطعامها ومؤونتها، إنه يسمح لكل امرئ أن يحيا، الوفرة على طريقه، والغذاء على أصابعه، وعندما يعود يفرح البشر، كل البشر"، ترنيمة دوّنها المصري القديم في نصوصه الأدبية تبرز قدر عرفانه لنهر النيل، جاعلا منه الإله الخالق لمصر، واهب الحياة والخُلد لها منذ القدم.
أدرك المصريون أهمية النيل منذ عصور موغلة في القدم، فاجتهدوا في ابتكار طرق تهدف إلى الاستفادة من مياه النهر وتنظيم الري وحفر الترع لزراعة أكبر مساحة ممكنة من أرض الوادي، ولم يبالغ العالم الفرنسي جاك فاندييه في دراسته "المجاعة في مصر القديمة" عندما أشار إلى أن "النيل هو الأساس الذي اعتمدت عليه الحياة المادية والاجتماعية في مصر".
• مائدة طعام المصريين القدماء
ساعد النيل المصريين في تكوين مجتمعات صغيرة، يتعاون أفرادها في زراعة ما بها من أراض، وأحيانا كانوا يلجأون إلى توسيع حدودها بالاستيلاء على أراض المجتمعات المجاورة، إلى أن اندمجت هذه المجتمعات وشكلت كيانا أكبر اتحد في عهد الملك "نعرمر (مينا) " فظهر أول شكل مترابط سياسيا واجتماعيا للأراضي المصرية بفضل النيل.
عرف المصريون أيضا، إلى جانب الزراعة التي اعتمدت على مياه النيل، صيد الأسماك، فابتكروا القوارب كوسيلة للصيد والمواصلات، وسجّلوا العديد من المشاهد المائية على جدران المقابر، التي كانت توضع بداخلها أسماك النيل لتقديمها قرابين من المتوفى في العالم الآخر.
|