القاهرة 16 ابريل 2023 الساعة 12:43 م

بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
أيام قليلة ونودع شهر رمضان المعظم.. مر كالبرق كعادته، لم نشعر بأيامه رغم ما بها من ذكريات جميلة وحميمية، أجمل ما في أيامه هو تجمعنا كأسرة على مائدة واحدة، هذا الجو الأسري الذي نفتقده طيلة العام.. مر بسرعة كعادة كل شيء جميل في حياتنا، أجمل ما يميز أيامنا هذه هي أننا نشهد عدة احتفالات خاصة، تميزنا بها نحن المصريين، لا سيما احتفالات أخوتنا الأقباط شركاء الوطن بأعيادهم.
نحتفل بأعياد: الربيع "شم النسيم"، عيد تحرير سيناء، وعيد القيامة المجيدة، وعيد الفطر المبارك، وعيد العمال في أعقاب كل ذلك.
للمرة الأولى توحدنا الفرحة باستقبال الأعياد.. للمرة الأولى نتشارك الإفطار معا.. للصدف السعيدة كوننا نتشارك فرحة الأعياد في ذات الوقت وهذا من حسن حظنا بالتأكيد!
يحتفل أصحاب الهلال والصليب بأعيادهم في التوقيت ذاته.. لعل هذا سر جمال مصرنا وتميزها احتضانها لعنصري الأمة بلا تزييف أو رياء!
ما أجمل أن ترتدي مصرنا ثوب السعادة والبهجة في آن واحد.
عزيزي عمر خورشيد..
بالحديث عن السعادة أحب أن أخبرك أن للسعادة مسببات عديدة، أجملها أيام رمضان بما بها من فيض من الرحمات والبركة والراحة النفسية، لعل ما يميز شهر رمضان هذا العام هو قدومه مع اعتدال الطقس، فعاصرنا أمطارا وثلوجا وكأن الله اختصنا وحدنا بهذا الجمال، فاتحًا ذراعية لنا أن ادعوني، انتهزوا كل الفرص التي أعطيكم، وانتظركم أن تأتوني، بل أعطيكم المزيد من الأسباب لأستمع لهمسكم، لهمومكم، وآلامكم.. هنيئا له من اقتنص أيام الشهر الفضيل بما بها من رحمات ومغفرة وعتق من النار، ومحظوظ من دعا بيقين وقت نزول المطر في منح إلهية وهبات ربانية.. نسأل الله أن نكون قد أحسنا استغلالها ولم نفوتها، ونسأله تلبية دعواتنا وتنفيذ ما ظنناه محالا..
أيام قليلة جدا وتطل علينا أغنية أهلا بالعيد، ولهذه الأغنية ذكرى خاصة في قلبي، لا سيما قلوب أبناء جيلي، ربما لأن مجرد إطلالة الفنانة صفاء أبو السعود بفستانها الأبيض وهي ترقص وسط الحديقة بصحبة الأطفال دلالة على قدوم العيد! ربما لأننا اعتمدناه وكأنه اللحن الرسمي للأعياد، كما اعتمدنا أغنية رمضان جانا لاستقبال شهر رمضان، وما على شاكلتها من أغان ترتبط ارتباطا وثيقا بذكرياتنا ومناسبتنا المختلفة..
عندما أستمع لهذه الأغنية تأخذني في رحلة للثمانينات، فأجدني أصلي عيد الفطر برفقة أبي وأخوتي، ثم نصطف طابورًا ليعطينا العيدية، بضع ورقات جديدة حديثة الطباعة، رمز للعيد! نأخذها بفرحة ونقبله، أرتدي فستاني الذي احتضنته أثناء نومي، وأضع حقيبتى الجلدية، وارتدي حذائي الجديد وتوكة شعري الجديدة، أشارك صديقاتي لبسي بتباه، ثم نبدأ في إنفاق ما جمعناه من نقود بفرحة وسعادة لا وصف لها.. أعتقد أن جيلنا تمتع بأيامه أفضل كثيرا من جيل الهواتف الذكية، أظن ان هذه الأجيال فاتها الكثير!
عزيزي عمر خورشيد..
لا أعتقد أن في زماننا هذا ما نظنه محال.. ربما لأن التكنولوجيا لها اليد العليا في حياتنا، لا سيما تاريخنا، هذا التراث التاريخي الذي يزعج الآخرين، يبذلون كل ما يستطيعون ويسخرون كل طاقاتهم لا لتزييفه فقط بقدر محاولاتهم لطمس هويته أو التشكيك في مسلماته!
نلاحظ أن ما من شيء يخص التاريخ المصري القديم أو الحديث، إلا وكان محور اهتمام من جهات بعينها، كل هدفها نسب كل نجاح وعراقة إليها، تماما كما يحدث مع الملكة كليوباترا! تناولتها السينما الإيرانية، والسينما الأمريكية نفسها في ستينيات القرن الماضي، ولم يثر الجدل بسبب تجسيدها كما يحدث الآن! ربما لأن هناك حربًا تشن على التاريخ المصري القديم تبنته جهات لا نعي من يدعمها، تضلل الجميع فتشكك في بناة الأهرام، وملوك وملكات مصر القديمة.
لم يكتفوا بهذا التشويه المتعمد عبر الأفلام التسجيلية، والمنشورات المنوعة عبر منصات التواصل الاجتماعي عبر العالم، ناسبين الحضارة المصرية القديمة لجنسيات أخرى أفريقية وليست للمصريين!
لعل هذا ما اتضح من المسلسل المزمع عرضه على المنصات العالمية والتي تجسد فيه الملكة كليوباترا ذات البشرة السوداء! مما أثار حفيظة العرب جميعا، وعلماء المصريات وكل من يهتم بتاريخ مصر القديمة، مطالبين بإيقاف عرض المسلسل!
عزيزي عمر خورشيد..
أيام قليلة ونحتفل بعيد تحرير سيناء، هذه المناسبة العظيمة التي تذكرنا بأننا انتصرنا على المحتل بالسياسة، بعد أن استعدنا عزتنا وكرامتنا بالحرب والعبور العظيم، استعدنا جزءا غاليا من أراضينا لتظل ذكراه عيدًا نتذكر فيه بطولات آباءنا وأجدادنا على مر التاريخ.. بصفة خاصة أشعر بالسعادة لأنه حتما سيتم عرض فيلم رصاصتك التي أحب، لأترك كل ما بيدي وأهرول لمتابعته وكأنني أراه للمرة الأولى بانبهار، لأنصهر مع حواره الثري، وانفعالات أبطاله وأحداثه، ومشاهد العبور على أنغام لحنك الذي أعشق..
عزيزي عمر خورشيد..
كل عام ومصرنا بألف ألف خير، وأتمنى أن تكون كل أيامنا أعيادا، وأكثر هدوءا واستقرارا، وحبا ونجاحا..
وأخيرًا.. كن بخير لأكتب لك.
|