القاهرة 10 ابريل 2023 الساعة 04:10 م

بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مرت الأيام وجئتك من جديد لأكتب لك.. أخبرتك في السابق أني أحب الإنصات للآخرين، بل أجيد الإنصات للآخرين ليقيني أن من يتحدث كثيرا يكون لديه رغبة في البوح ولا يجد من يسمعه أو يتفهمه، لذا تجدني أجلس بينهم ألقي كلمة ليتحمس ويقصون علي ما لديهم لننخرط في العديد من النقاشات الثرية التي تطلعني على كيفية تفكير هؤلاء، والتي تضيف إلي رصيد معرفتي الكثير.. اكتشفت مع المزيد من الأحاديث أن هناك فجوة كبيرة بين الآباء وأبناءهم.. يدور الآباء في دائرة الحياة، وينغمسون وينصهرون في دوامة الحياة بكل ما بها من التزامات، ويعاني الأبناء وحدهم.. كونك أب أو أم مسؤولية كبيرة لا تقتصر على توفير متطلباتهم المادية فقط، وإنما تلبية احتياجاتهم النفسية أيضاً.! إنهم يفتقدون وجودنا كصديق ينصت لمشكلاتهم، لا لأب ينتقد ما يفعلون فقط.!
عزيزي عمر خورشيد،،
انتصف شهر رمضان.. مرت أيامه بسرعة كعادة كل شيء جميل.. لا أخفي عليك أن هذا الشهر يغد نقطة فاصلة في حياتي، ربما لأنه أول مرة يمر دون وجود أمي.. افتقدتها كثيرًا، كلما حاولت التأقلم مع غيابها يذكرني شيء بها.. مر المسحراتي كعادته ليتذكرها دون سبب ربما لتذكري بأنها لم تعد معنا، مر مناديًا عليها وسط الأحياء.. توقفت لحظة أمام نداءه، وتمنيت أن تصحوا كما ينادي..
تخبرني جارتي أنها لم تعد تراني.. اعتادت أن تقابلني على سلم بنياتنا في توقيتات متباينة على مدار اليوم، أما الآن فتمرّ شهور دون أن تدري هل أنا على سفر أم متواجدة!
لا أخفي عليك شغلت أمي حيزًا كبيرًا من وقتي وحياتي، أما الآن فأصبح اليوم ساعاته مضاعفة، أصبح أكثر طولًا، أكثر فراغًا، أكثر هدوءًا.. أعلم أن الله اختارها بعد أن ارتقت للجنة لكن ما زلت لا استوعب الأمر، ربما اعتاده مع الوقت.. مرت أيام شهر رمضان الكريم وقلبي لا يتوقف عن الدعاء لها ولكل من أحب.
يقولون أن المواقف هي التي تبين حقيقة الأشخاص.. هذا ما حدث معي بشكل خاص.! أعترف أني اكتشفت من حولي بشكل خاص.. أدين بالفضل لأبنائي الذين لم يتركوني وحدي في أدق لحظاتي، وكذلك زوجي هذا الرجل الذي اكتشف أنه مثل الحجر العتيق يزداد بريقًا وقيمة بمرور الأيام.. يكفي حرصه على عدم تركي وحدي رغم إلحاحي أنه لا داعي لكل هذا القلق.. اذهب لكذا أو انضم للحفل كذا، لكنه يفضل البقاء معي حتى لا أظل وحدي.. حفظهم الله جميعا، وحفظ جميع أحبتنا في كل مكان.
عزيزي عمر خورشيد،،
عانيت من مشكلة نفسية كبيرة سببها وفاة أمي الحبيبة.. بت في حيرة من أمري هل سأظل هكذا؟! ماذا افعل.؟!
راسلت الشيوخ أبثهم همومي، كما كتبت مشكلتي في جروب خاص بنا نحن الكاتبات وأمنياتهن، لتنهال علي عشرات الرسائل كل يحاول تخفيف حدة الأمر بطريقتها.. محاولات إيجاد حلول لما أعانيه.!
سألت صديقتي شيخها عن حالتي، لأجد رده الذي أثلج صدري.!
حقًا نفتقد لهذه النماذج السمحة تلك التي تقدم النصيحة دون تعصب أو تنظير أو شن هجوم من شأنه أن ينفر، كعادة اغلب أئمة المساجد والشيوخ، لذا لم أتعجب من رؤية المقطع المصور للإمام الجزائري الذي ربت على القط برفق أثناء الصلاة.. فعل بسيط تلقائي رصدته الكاميرا بتلقائية، فكان خير رسالة وعنوان عن سماحة ديننا الحنيف.. فعلت القطة ما لم تفعله الحكومات ورجال السياسة.!
عزيزي عمر خورشيد،،
لا ادري لماذا لم تقم بتأليف مقاطع موسيقية دينية، لتخلد أسمك كرصاصتك التي شقت قلبي وقلب كل من يحبك مثلي.
أخيًرا .. كن بخير لأ كتب لك مجددًا.
|