القاهرة 02 ابريل 2023 الساعة 01:21 م

بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
ها قد تقابلنا من جديد.. مر أسبوع آخر من عمرنا، أسبوع حافل بالأحداث، يكفي أنه أول أسبوع من شهر رمضان المعظم.. بخلاف اعتدال الطقس وعودة الإحساس بالطقس البارد.. لسعة البرد المحببة التي لا تدفئها إلا نبضات القلب، خاصة وإذا كنا محاطين بمن يحبوننا ونحبهم.. أجمل ما في أسبوعنا هذا يوم الجمعة، حيث أمطرت السماء لأول مرة من هذا العام، وأزاحت غبار الأيام والأحزان عن قلوبنا وسط فوضى الحياة..
عزيزي عمر خورشيد..
تقابلت وصديقة الممر.. لا أخفى عليك أعد الأيام وأحصي الدقائق للقائها، معها لا أتجمل، أكون على طبيعتي أكثر حرية وصدقاً.. نتناقش كثيرًا، نتبادل الهموم والخبرات.. محظوظة أنا كونها صديقتي وكوني قابلتها..
لا أخفى عليك مازالت أشعر بثقل الأيام دون أمي.. أشفق على أبنائي من تلك التجربة، خاصة وأني ألاصقهم في كل شيء وكل مكان، نكاد ألا نفترق إلا عند النوم.
ذهبت لمكان اعتدت الذهاب إليه برفقة أمي، وبمجرد أن وطأت قدمي المكان إلا وبحثت عنها.. فاضت الذكريات.. هنا وقفنا.. هنا جلسنا.. مررنا من هنا.. خيل إلى أني رأيتها بملابسها.. شعرت بكيانها بجواري.. استفقت على مواساة أحدهم ممن يعرفونها حق معرفة، لتتبدد أحلامي وأعود لواقعي، لأكتشف أنها لم تعد معنا بالفعل!
لا أخفي عليك، مازالت أستيقظ وأطالع الساعة وأتجهز لمهاتفتها، ثم أتراجع متذكرة أنها لم تعد معنا.. أحاول تجاوز الأمر قدر استطاعتي رغم ثقله.
عزيزي عمر خورشيد..
ها نحن نحتفل بذكرى العاشر من رمضان، وسيعود لحن رصاصتك التي أعشق يشاركنا تفاصل يومنا، لأنه بطل حياتنا، الذي يضيء أيامنا ينقي أرواحنا.. لهذا اللحن الملحمي قصة، سأظل أرويها ما حييت.. يكفي أنه عرفني بكل من يحبك مثلي..يكفي أن اقترن اسمي بك.. مازالت أكرر أني أتمنى أن يظل الاحتفال بذكرياتنا الحربية طوال العام وليس في المناسبات الوطنية فقط، أو تخصص الدولة قناة تذيع كل الأفلام الحربية والخاصة بالجاسوسية وما على شاكلتها من مسلسلات طيلة العام.. أريد أن يحفظ أحداث كل فيلم ومسلسل مثلنا، أن يحفظوا الألحان الخالدة التي تولدت لحظة الانكسار النصر، أريدهم أن يعوا ماذا تعني كلمة وطن!
أريدهم أن يعلموا ماذا فعل أجدادهم كي يعيشوا في أمان ورخاء.. يكفي أن لد يهم وطن ينتمون إليه..
عندما أقابل ممن ينتمون لهذا الجيل، وانخرط معهم في أحاديث شتى، اكتشف أن بيننا عوامل مشتركة كثيرة، نفس الحماس، نفس الآراء، القناعات، نفس الأحلام، نفس التجارب الحياتية والظروف إن شئت الدقة.. وهذا ما يجعلنا ننصهر معًا لتذوب الفوارق العمرية، ونلتقي في عدة نقاط لعل أبرزها: البحث عن السعادة، والحب، والرغبة في التأثير في الآخرين، لا سيما الرغبة في التميز.. نقاط قادرة أن تذيب جليد القطبين!
سعيدة بمعرفة كل ما من شأنه أن يلون حياتي..
عزيزي عمر خورشيد..
عندما نتابع عملاً دراميًا أو نقرأ كتابًا ذو صبغة تاريخية أو حتى فيلمًا للخيال العلمي، نتابعه بهدف الاستمتاع، لا اصطياد الأخطاء والتربص، مما يفقدنا متعة المشاهدة!
ذكرني الجدال المثار بخصوص المسلسلات الرمضانية، بأول مناقشة لكتابي، الذي يضم قصتين إحداهما تصنف خيال علمي.. قال أحد الحضور كنت أتمنى أن تصفي سقف الجبل، شكل الطرقات، لون الدهان، لون الملابس، شكل المعمل، وهكذا.. لا أن تقولي معمل في باطن الجبل.!
وأجبت بمنتهى الهدوء: أنا كاتبة ولست مصممة ديكور!
ما يحدث الآن من جدل، يشبه ما حدث معي لحد كبير، ينتقدون المسلسل، بل يستبقون الأحداث، ويضللون رواد مواقع التواصل الاجتماعي مستغلين القدرة على توجيه والسيطرة العقل الجمعي.. يؤكدون أنه سيحدث خلطا مستقبليا بين هوية الممثل والشخصية التي يجسدها، رغم أنه سبق وجسدت شخصيات دينية وتاريخية بارزة. تم تناول حياة عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والأئمة الأربعة، ولم تحدث مثل هذه الضجة الممنهجة!
أذكر أن الانتقاد الوحيد الذي قرأته في الصحف كان بخصوص استخدام الفصحى في الحوار.!
أرى أن هذا الجدال ربما يكون مفيدا، إذ يحث المهتمين بهذه الشخصيات على قراءة المزيد عن هذه الشخصيات سواء كانت دينية أوتاريخية.
عزيزي عمر خورشيد..
أشعر بسعادة كبيرة هذه الأيام، رغم ما بداخلي من حزن لفراق أمي، إلا أني أشعر بأني على الطريق الصحيح، وأن الغد سيكون أفضل وسيصبح أفضل مما أتوقع.. ولم لا يكون وأنت ومن يحبك معي؟!
عزيزي عمر خورشيد..
أخيرا.. كن بخير لأكتب لك مجددًا.
|