القاهرة 30 مارس 2023 الساعة 08:32 ص
من قتل الناقد الأدبي؟.. إذا كنت ترى النقاد طفيليات، فيجب إعادة إحياء الكائنات المضيفة لهم!
بقلم لورا ميلر - لويس بايارد LAURA MILLER - LOUIS BAYARD
ترجمة د. هويدا صالح
في عصر المدونات، يبدو أن النقاد الكبار يكاد يختفي دورهم. يناقش مراجعو الكتب في موقع صالونSalon النخبوية، وكيفية إضفاء المرح والبساطة على النقد والحاجة إلى حراس ثقافيين.
هل أصبح دور الناقد المحترف عفا عليه الزمن في عصر نوادي الكتب وتأكيد النجاح الكبير للمدونات؟ يجيب كتاب جديد بعنوان "موت الناقد" بالنفي، ويرى الكاتب بأنه لا تزال هناك أسباب لاعتبار بعض وجهات النظر أفضل من غيرها. لقد طلبنا من مراجعي الكتب في Salon، لويس بايارد ولورا ميلر، بتأمل هذه القضية.
لويس بايارد: كل الدلائل تؤدي للتشاؤم يا لورا. مواقع مراجعات الكتب تُغلق، والمتاح من الكتب الورقية يتم تقليصه بشكل كبير. نقاد السينما في الصحف في جميع أنحاء أمريكا يُستبعَدون. ومراجعو التلفزيون لم يعد يسمع منهم. تشير جميع المؤشرات إلى أن نقاد أمريكا أصبحوا مهددين بالانقراض بشكل متزايد.
أو ربما وضع النقاد أصعب من مجرد تعرضهم للخطر، انطلاقا من العنوان الذي ظهر للتو عبر مكتباتنا :"موت الناقد". لرونان ماكدونالدRonan McDonald، وهو محاضر في الدراسات الإنجليزية والأمريكية في جامعة ريدينج البريطانية، ويشغله بشكل خاص ما يعتبره فقدان "الناقد العام"، الشخص الذي يتمتع "بسلطة تشكيل الذوق العام". فقط في الفصل الأخير يتم حل اللغز وراء اختفاء الناقد. الجاني ـ برأيه ـ ليس سوى .. دراسات ثقافية! (بمساعدة صحية من ما بعد البنيوية).وذلك لأن الدراسات الثقافية تعاملت مع الأدب كنص غير شخصي يمكن من خلاله أن ينتزع أي شكل من أشكال المعنى السياسي، فقد سلب أساتذة الدراسات الثقافية الوظيفة التقييمية الصحيحة للنقد- صحيح أن هذا القول جيد، لكن ليس هذا هو السبب.
لذا، يا لورا، يبدو أنه إذا لم نكن ميتين كنقاد، فنحن في حاجة لمن يضعنا على أجهزة التنفس الصناعي.
لورا ميلر: أعتقد أنه من الطبيعي أن يُلقي ماكدونالد، بصفته أكاديميًا، باللوم على الأكاديمية. وهو يعتقد أن النقد الأكاديمي الموضوعي يعتبر المرجعية للنقد الجاد غير الأكاديمي - مثل المراجعات والمقالات في الصحف والمجلات - مما يضفي مصداقية على فكرة أن النقد (على وجه التحديد، النقد الأدبي) هو عمل يجب أن يمارسه الخبراء المُدرَّبين. عندما تنهار الأوساط الأكاديمية، على حد تعبيرك، التي تقيم النصوص وتقول هذا جيد وهذا غير جيد، عندها يبدو النقد كلع عشوائي ويُمكن الاستغناء عنه. لم نهتم بـ "النقاد العامين" الآن لأن النقاد لا يهتمون بالجمهور، وليس لأن الجمهور لا يهتم بالنقاد. ما رأيك: هل النقد مسؤول عن زواله؟
بايارد: أعتقد أن النقاد هم مجرد طائر الكناري في منجم الفحم أي إنذار مبكر لحالة الأدب. ليس من قبيل المصادفة أن ماكدونالد حدد موقع "العصر الذهبي" للنقد في منتصف القرن العشرين، والذي كان أيضًا ذروة الرواية الحديثة، وخاصة الرواية الأمريكية. كانت الروايات مهمة، - والروائيون - في ذلك الوقت بشكل يختلف تماما عما يحدث اليوم. (تعتبر مجموعة مقالات ويليام ستايرون بعد وفاته تذكيرًا قويًا. تمت دعوة الرجل إلى البيت الأبيض في عهد الرئيس كينيدي بناءً على قوة رواية واحدة!) حتى لو كنت تعتقد أن النقاد طفيليات، عليك أن تعترف بأنهم لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة إلا عندما تزدهر الكائنات المضيفة لهم. في هذا الصدد، أعتقد أن ماكدونالد على حق: إذا أردنا إعادة الناقد إلى الحياة، فعلينا أولاً إنعاش الروائي.
ميلر: أوافق على القول بأنه من الصعب الجدال حول مركزية النقد الأدبي عندما أصبح الأدب نفسه هامشيًا. معظم الناس في سوق النشر يعيدون ذلك إلى توفر العديد من خيارات الترفيه الأخرى. ما يعيد الناس إلى الكتب والقراءة مرة أخرى هو تقديم محتوى مهم بشكل خاص، وصحيح أن النقد الأكاديمي قد انشغل بتقويض هذا الاعتقاد على مدار الخمسين عامًا الماضية. ومع ذلك، فحتى النقد الذي يعجب ماكدونالد بمدى انتشاره - النقد الجديد في الخمسينيات - ربما يكون قد ساهم في عدم اهتمام الجمهور. والفضل لماكدونالدز بتلك النظرة التاريخية العامة الجيدة، تم تذكيرنا بمدى أهمية النقاد في الحداثة - كل تلك القصائد والروايات الصعبة وحتى التراثية كانت بحاجة إلى شرح للقراء الذين اعتادوا على السرد التقليدي والوزن والقافية. الفكرة القائلة بأن العمل الأدبي يستحق الاهتمام الجاد، عليه أن يهدم أشكال الماضي أو يُحدث ثورة فيها - حسنًا، هذا يجعل الأدب مثيرًا والنقد مهمًا جدًا لبعض الوقت، ولكن في مرحلة معينة لم يتبق شيء لتفكيكه وكشفه. وفي غضون ذلك، تحوّل القراء لقراءة ستيفن كينج أو مشاهدة التلفزيون. بعد أن تلقى القراء رسالة "التعالي" من النقاد بصوت عالٍ وواضح؛ لذا توقفوا عن الاستماع إلى المثقفين.
بايارد: أعتقد أن ماكدونالد يجادل بشكل مقنع بأن التخلص الكامل من آثار المؤلف التقليدية - لفكرة آثار المؤلف ذاتها - قد خلق نوعًا من رد الفعل العكسي: فالناس الآن يتوقون إلى أن يتم إخبارهم بما هو جيد. إذن ربما هناك أمل في النقد بعد كل شيء؟ أما بالنسبة لجانب الحداثة وما حدث فيها من تعالي على القراء، فأنا أتفق معك فيما يتعلق بالشعر. لكن عندما تتذكر الروائيين العظماء من منتصف إلى أواخر القرن العشرين، فإنهم كانوا يعملون إلى حد كبير إلى الوصول إلى القراء. حتى فيليب روث Philip Roth، على الرغم من كل ألعابه الما بعد حداثية، كتب الكثير من أعماله عن عالم يهود نيوارك المرصود عن قرب. وجيمس وود James Wood,، الذي يقترب تقريبًا من نموذج ماكدونالدز لـ "الناقد العام"، هو حامل لواء الواقعية الكلاسيكية، كما هو محافظ بطريقته مثل ماثيو أرنولد Matthew Arnold.
https://www.salon.com/2008/05/22/critics_2/
|