القاهرة 28 فبراير 2023 الساعة 05:58 م
كتبت: نضال ممدوح
هى قصة طويلة، معقدة، متداخلة الحلقات، والأبعاد، إنها قصة تنظيمات العنف الديني بأنواعها وأفعالها ومؤثراتها المختلفة على المجتمع المصري، وهى قصة توظيف الدين ــالدين الإسلامى تحديدًاــ في لعبة الأمم بالمنطقة وفي قلبها مصر: توظيفه في السياسة بمعانيها الشاذة والقاتلة، وليس السياسية بالمفهوم الحضاري الإسلامي.
إنها قصة طويلة تعود إلى زمن الخوارج فى صدر الإسلام الأول، وظلت تتنامى إلى أن استفحلت فى غالب بلداننا العربية والسلامية، لتنتج داعش والقاعدة والإخوان ومن شابههم.
بهذه الكلمات يستهل الباحث دكتور رفعت سيد أحمد، عمله البحثي الضخم، موسوعة تنظيمات العنف الديني في مصر من 1928- 2018: التحقيقات السرية مع الإخوان والجماعات المسلحة، والصادرة في 6 أجزاء عن دار العروبة للدراسات التاريخية ببيروت.
ويشير رفعت سيد أحمد في مقدمته للموسوعة إلى: "بعد بحث وتوثيق لأكثر من خمس سنوات صدرت موسوعة تنظيمات العنف الديني في مصر 1928-2018: التحقيقات السرية مع الإخوان والجماعات المسلحة.
وتنقسم الموسوعة إلي أربعة أقسام توزع علي ستة مجلدات تغطي بالمعلومات الصحيحة والوثائق المعتمدة والدراسة الموضوعية الهادئة، خريطة العنف الديني والاستخدام المغرض للإسلام في لعبة الأمم والسياسة في مصر منذ نشأة جماعة الإخوان في مصر وتنظيمها السري سنة 1928، وغيرها من تنظيمات العنف باسم الدين، مرورا بصراعات وإرهاب هذه التنظيمات في عصر عبد الناصر والسادات ومبارك وانتهاء بعصر السيسي، من خلال التحقيقات السرية والقضائية معها الموسوعة تقترب من 3 آلاف صفحة.
ويعتبر رفعت سيد أحمد إعداده ونشره لهذه الموسوعة بمثابة واجب وطني وقومي عليه تجاه بلده وأمته والأجيال القادمة من شباب الأمة. راجيا: أن تكون هذه الموسوعة بمثابة لَبنة أُولي في بنيان المقاومة ضد الدواعش القدامي والجدد في بلادنا الذين شوهوا الإسلام وسرقوا رسالته السامية ومزقوا الوطن، مبعدين إياه عن المواجهة الحقيقية الواجبة ضد أعداء الأمة وليس بين أبناء الامة.
-
الطريق إلى خطف الإسلام: بذرة العنف المسلح لجماعة الاخوان قبل ثورة 1952
وفي المجلد الأول من الموسوعة يتناول المؤلف، بداية طريق العنف الإسلامى المسلح فى مصر، وذلك مع إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، ثم تطور لاحقاً فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى حين أنشئوا تنظيمات سرية تحت عنوان أفرع (الرحلات) و(الجوالة) ثم بناء التنظيم الخاص عام 1942، وهو التنظيم الذى ارتكب عشرات الجرائم قبل ثورة يوليو 1952، وبعدها، ومن هذه الجرائم التي فصلها وبالوثائق التاريخية المجلد الاول من الموسوعة: مصرع أحمد ماهر فبراير سنة 1945 - نسف سينما ميامي مايو سنة 1946 - نسف سينما مترو مايو سنة 1947 - مصرع الإمام يحيى فبراير سنة 1948 - مصرع الخازندار مارس سنة 1948 - نسف حارة اليهود يونيه سنة 1948 - نسف شارع فؤاد يوليه سنة 1948 - نسف عدس وبنزايون أغسطس سنة 1948 - نسف شركة الاعلانات 12 نوفمبر سنة 1948 - حادث السيارة الجيب 15 نوفمبر سنة 1948- مصرع النقراشى ديسمبر سنة 1948 - محاولة نسف محكمة الاستئناف يناير سنة 1949 - جرائم الأوكار أبريل سنة 1949 - محاولة اغتيال حامد جودة مايو سنة 1949.
ثم تناولت الموسوعة بالشرح والتحليل العلمي والتاريخي الموثق عقيدة الخروج على الحاكم كأحد أسس فكر الإخوان تاريخيًّا وأن الولاء لديهم بالأساس هو للجماعة ومرشدها قبل أن تكون للوطن أو لنظام الحكم السياسي الذي أرتضاه الشعب. ثم تناولت الموسوعة وعبر بحث مطول وموثق بشهادات قيادات الإخوان أنفسهم نشأة التنظيم السرى المسلح للإخوان.
وعن هذا التنظيم يقول المؤلف: إن بدايات الارهاب المسلح الملتحف زيفًا بالدين، بدأت مع إنشاء الإخوان المسلمين للتنظيم السرى عام 1942 والذي سموه بالنظام الخاص، والذي على يديه ارتكبت عشرات الأعمال الإرهابية الداخلية على عكس ما قالت وثائقهم الكاذبة التى أدعوا فيها أن هدفه كان قتال الإنجليز واليهود وهو ما لم يحدث أبدًا، فماذا عن هذا التنظيم السري الإخواني.
وقد حدد محمد خميس حميدة نائب المرشد العام للإخوان المسلمين تاريخ نشأة هذا النظام بأنه حوالي سنة 1942 أو قبل كده"-وفقا لأقواله أمام محكمة الشعب عام 1954- وهو تاريخ يناسب مجري الأحداث التي نحن بصددها يضاف إلى ذلك أن الصاغ محمود لبيب الذى كشفت محاكمات الإخوان عام 1954 أنه صاحب الفكرة في تكوين هذا النظام كان فى تلك الأثناء مفتشا عاما لفرق الجوالة التى كانت هى الأساس للبنية الأولى لهذا التنظيم.
ويؤكد المؤلف في موسوعته أن مؤسس الجماعة حسن البنا، سعى من خلال التنظيم الخاص، لإنشاء "جيش بديل" عن الجيش المصري، هو "جيش المسلمين"، طبقًا لما أكده البنا، وكذلك محمود الصباغ أحد قيادات هذا الجيش في أربعينيات القرن العشرين.
وقد ذكر حسن البنا في إحدى رسائله الموجهة للتنظيم الخاص، وهي رسالة "المنهج" التي رسم فيها مراحل العمل وتكوين الكتائب ونموها، أن العدد المستهدف لهذا الجيش في مرحلته هذه هو اثنا عشر ألفاً، مضيفا: "ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة".
إن جوهر فكرة النظام الخاص الإرهابية هى عينها ما طبقته القاعدة وداعش في الفترة الراهنة من تاريخنا. إنه منبع واحد للإرهاب المسلح هكذا تقول الوثائق والتحقيقات التى ارتبطت بقضايا الاغتيالات والإرهاب التى ارتكبها التنظيم السري للإخوان المعروف باسم النظام الخاص.
|