القاهرة 02 فبراير 2023 الساعة 09:19 م

كتبت: نهاد إسماعيل المدني
ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 54، حل المؤرخ الدكتور محمد صابر عرب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ووزير الثقافة الأسبق، ضيفًا على اللقاء الفكري بالقاعة الرئيسية "صلاح جاهين"، وأدار الحوار معه المؤرخ الدكتور أحمد زكريا الشلق، بحضور الدكتور عبدالواحد النبوي وزير الثقافة الأسبق، والدكتورة نيفين موسى رئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق، والدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة العامة للكتاب، وعدد من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين.
استهل الدكتور "الشلق" الندوة بوصف الدكتور "صابر عرب" بأنه صورة مشرفة لمصر، فهو شخصية أكاديمية مرموقة وسياسية فريدة، ألف كتبا مهمة، منها كتابه عن العقاد، وله إصدار مهم فى التاريخ العربي عن الدين والدولة فى سلطنة عمان، ونال جوائز عدة، وقال "أتصور أنه سيحصل قريبًا على جائزة النيل فى العلوم الاجتماعية تتويجًا لجهوده في خدمة هذا الوطن الذي أحبه حبا جما"، كما أشار إلى جهوده في دار الكتب الوثائق الجديدة فى عين الصيرة، ومشروعه لترميم الوثائق والمخطوطات القديمة، مؤكدًا أن دار الكتب اجتازت مراحل كبيرة وشهدت طفرة فى تطورها وتحديثها في عهده.
ثم تحدث الدكتور صابر عرب عن بدايته، وقال: "دراستي كانت تقليدية وكان المفترض أن أدرس العلوم الشرعية ولا أعرف لماذا تمردت على العلوم الأزهرية، لكن ربما لأنني حضرت فترة إصلاح الأزهر، كما أنني فى شبابي تأثرت بشاعر اسمه عبد الصبور منير، وهو من فتح حياتي بالاهتمام بالثقافة والتاريخ، وكنا نذهب للمسرح، وفتنت بالصحافة فى ذلك الوقت، ومدينتي دسوق كان بها تيار يساري كبير وكانت تموج بالتيار الثقافي والسياسي وكان بها مسرح، ومن هنا أحببت المسرح وتعلقت به".
وأضاف: "أنا من أنصار وحدة المعرفة، فلا يمكن أن تكون إنسانا مختلفا إلا بالانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة، والحقيقة فإن فترة دراستي في الأزهر لم يكن بها تيار متشدد، وكان مدرسو البلاغة والعلوم من الشعراء، وتلك الفترة التى تفتح فيها وجداني، وأتذكر أنني زرت أول معرض للكتاب وجئت من وقتها من دسوق، وسألت حينها أنيس منصور حين شاهدته في المعرض ماذا أقتني من الكتب؟ وحينها نصحني أن أقرأ في كل أنواع المعرفة، وقال لي نصًا:أقرأ ولو جرنال ملفوف فيه سندوتشات فول".
وتابع "حتى عندما جئت إلى القاهرة جئت كطالب مهتم ليس بالتاريخ فقط بل بالثقافة والفنون، وأتذكر أننا لم نتقبل فى البداية فكرة مجيء الرئيس السادات بديلا لعبد الناصر، وكنا فى اتحاد الطلبة نتحدث عن قضايا دولية وإقليمية، وكنا نقيم معسكرات فى محافظات مختلفة".
واستطرد عن تجربة الاتحادات الطلابية: "كانت إحدى مكونات شخصيتي، حتى إنني اتذكر أننا سعينا من أجل تنظيم أمسية لصلاح عبد الصبور وفاروق شوشة فى جامعة الأزهر، ورغم تصور البعض أن الجامعة سوف ترفض لكن القرار كان نابعا من داخلنا، وحضر تلك الأمسية أكثر من 1500 شخص فى قاعة الإمام محمد عبده، حتى أنه تم قطع الكهرباء علينا من بعض أساتذة الجامعة، ودخلت مندفعا إلى مكتب رئيس الجامعة الذي وبخ المسئول عن ذلك، وقال إن هؤلاء هم ضيوف الجامعة وعلينا إكرامهم".
وأكد "عرب" على ضرورة الانفتاح على المعرفة والثقافات المختلفة والحياة بالمعنى الثقافي والفكري والأدبي، مشيرًا إلى أنه يعود دائمًا لقراءة تراث محمد عبده، ومصطفي عبدالرازق، والعقاد.
وحول كتابة التاريخ من قبل المؤسسة الرسمية، قال "أنا ضد فكرة كتابة التاريخ من خلال لجان، فالتاريخ يكتبه أناس متجردون من الهوى والدوافع، والتاريخ ليس حكرًا على المؤرخين، وكل منا يملك من الوعي والثقافة أن يكتب في موضوع ما، وأرى أن التاريخ فلسفة بمعنى أن تدلي برأيك وتتناقش، فالتاريخ فلسفة وفن وليس مجرد سرد".
وذكر إنه قبل حرب أكتوبر 1973 بنحو شهر ذهب مع بعض زملائه إلى جامعة الإسكندرية لحضور لقاء مع الرئيس أنور السادات، وعند حديث الرئيس شعر من حديثه مع الطلاب أن مصر لن تحارب، فما كان منه إلا أن سأل الرئيس السادات هل مصر سوف تحارب؟؛ إلاّ أن السادات طلب من وزير الدفاع أحمد إسماعيل الرد عليه، فرد قائلا له: "قريبا ستفخر بقواتنا المسلحة"، كان ذلك قبل حرب أكتوبر بشهر: "عرفت بعد ذلك ان ما كان يفعله الرئيس السادات وقتها بمثابة تمويه".
|