القاهرة 24 يناير 2023 الساعة 10:29 ص

بقلم: د. حسين عبد البصير
يعد سيرابيوم سقارة واحدًا من أهم المقابر التي بنيت في سقارة، وهو مكان مدافن العجل أو الثور أبيس المقدس. ويعكس مظهرًا من مظاهر الإله بتاح. ويعني اسم السيرابيوم يعني "مقر أو ضريح الإله سيرابيس". وهو مسمى يوناني مرتبط بالمسمى اليوناني "سيرابيس" للإله المصري القديم "حب"، أي الثور أبيس. و"سيرابيس" كلمة مركبة تجمع بين الإله "أوزير" والإله "حب" أو "حبو". وسيرابيوم سقارة عبارة عن مجموعة من الممرات المنقورة تحت سطح الأرض، والتي خُصصت لدفن مومياوات العجل "أبيس" (حبو) في توابيت ضخمة من الجرانيت الأسود.
ويختلف سيرابيوم سقارة عن سيرابيوم الإسكندرية الذي كان معبدًا للإله سيرابيس، رأس ثالوث الإسكندرية. واستمر استخدامه منذ عصر الأسرة الثامنة عشرة إلى العصر البطلمي، حين كان العجل أبيس يعد تمثيلاً للرب بتاح نفسه، أحد أهم معبودات منف. وحين كان يموت العجل، كان يتم دفنه في احتفالية مهيبة حتى يتم العثور على خليفته.
ويرجع تاريخ إنشاء المدافن الأكثر قدمًا للعجول أو الثيران المقدسة المحنطة والمحفوظة داخل توابيت إلى عهد أمنحتب الثالث. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قام ابن رمسيس الثاني، الأمير خع إم واست، بحفر نفق في أحد الجبال، على جانبيه مقاصير بها توابيت العجول. ثم بنى الملك بسماتيك الأول من الأسرة السادسة والعشرين الصاوية نفقًا ثانيًا بطول 350 مترًا وارتفاعه خمسة أمتار وعرض ثلاثة أمتار. واستخدمه البطالمة لاحقًا. ومن المرجح أن يكون الممر الذي كان يتكون من 600 تمثال "أبو الهول"، والذي كان يربط الموقع بالمدينة، أحد أعمال الملك نختنبو الأول. من ملوك الأسرة الثلاثين.
واكتشف عالم المصريات أوجست مارييت السيرابيوم عام 1851 ميلادية. ونقب عن الجزء الأكبر من المجمع، لكن المخطوطات التي كتبها بشأن ذلك الأمر قد فُقدت. ويحد ذلك من إمكانية استخدام المقابر لتكوين تسلسل زمني للتاريخ المصري القديم. وتكمن المشكلة في حقيقة أن في الفترة من عهد الملك رمسيس الحادي عشر إلى السنة الثانية والعشرين من عهد الملك أوسركون الثاني، وهي فترة تقدر بنحو 250 عامًا، تم التوصل فقط إلى تسعة من مدافن العجول. ويشمل ذلك العدد يشمل أيضًا ثلاثة مدافن ليست موجودة حاليًا. وشُوهدت من قبل مارييت الذي قال إنه عثر عليها في غرفة تحت الأرض غير مستقرة تمامًا بحيث كان يمكن التنقيب عنها. ونرجح أنه كان من المفترض أن يكون هناك عدد أكبر من مدافن العجول في تلك الفترة بما إن متوسط عمر الثور كان بين 25 إلى 28 سنة، إن لم يمت قبل ذلك.
وهناك أربعة مدافن نسبها مارييت إلى عهد رمسيس الحادي عشر تم تأريخها بتاريخ رجعي. وخلق فجوة زمنية تقرب من 130 عامًا حاولنا سدها بشتى الطرق. ويجب إعادة النظر في التسلسل الزمني كله. وهناك مدافن أخرى للعجل أبيس لم يتم اكتشافها بعد.
|