القاهرة 17 يناير 2023 الساعة 12:30 م

بقلم: د. حسين عبد البصير
تعد منطقة سقارة من أهم المناطق الأثرية في بر مصر. وسقارة هي جبانة مدينة منف العاصمة المصرية الأزلية عبر كل العصور التي مرت بها مصر القديمة. وعُرفت مصر عند اليونانيين القدامى بكل حب وتقدير واحترام ورغبة في زيارة أرضها المباركة الخالدة ذات يوم. وكانت مصر أرضًا شهيرة للفلسفة وحب التفلسف. وزار مصر عدد كبير من فلاسفة وعلماء وفنانو الإغريق القدماء. وكانت مكتبة الإسكندرية هي أبرز نقاط تجمع الفلاسفة والعلماء والفنانين من كل مكان من أرض مصر ومن العالمين اليوناني والروماني.
وتخليدًا لوجود بعض أشهر فلاسفة اليونان في مصر القديمة، والتأكيد على محورية وأهمية دور مصر ذات الثقافة المنفتحة على العالم كله آنذاك، تم بناء ذلك النصب التذكاري في جبانة سقارة. ولا يعرف الكثير من الناس أي شيء عن ذلك النصب المهم؛ ربما لبعده عن أعين الزوار الذين يركزون في زيارتهم السريعة على زيارة هرم الملك زوسر ومجموعته الهرمية وهرم الملك تتي وهرم الملك أوناس ومشاهدة متون الأهرام الموجودة داخلهما، ومقابر عصر الدولة القديمة مثل مقابر تي ومريروركا وكاجمني وبتاح حتب ومقابر الدولة الحديثة مثل مقابر حور محب ومايا وغيرهما.
تقع منطقة تماثيل الفلاسفة في غرب سقارة. وتعد أفضل ما يُستشهد به على روعة البيئة النحتية في منف وهي سقارة، التي كانت تُمثل مركزًا دينيًّا مهمًّا إلى الغرب من العاصمة منف، والمشهورة بعباداتها الحيوانية المميزة، وبالأخص عبادة العجل أبيس. فكانت تصطف كلٌّ من المنحوتات اليونانية والمصرية من الحجر الجيري على حدٍّ سواء على طريق المواكب بين مجموعة المعابد وسيرابيوم العجل أبيس.
ويمكننا التطرق لموضوع ديونيسيوس ذي الأمثلة اليونانية من حيوانات وحشية خرافية وحقيقية مثل الطاووس، والنمر، والأسد، و"أبو الهول"، وسيرينا، وربما جريفون؛ ويمتطي بعضها ديونيسيوس على شكل طفل.
وتتشابه الاكتشافات اللافتة للنظر في وصف الكاتب اليوناني أثينيوس للموكب المترف للملك بطلميوس الثاني في مدينة الإسكندرية. ومن جهة أخرى، اشتملت تلك الحَنيّة نصف الكروية الموجودة في مكان خفي بعيد عن الأعين على تماثيل ذات طراز يوناني لمشهورين، على سبيل المثال هوميروس، وبيندار، وبروتاجورس. ولاحظ المؤرخ سترابو عددًا قليلًا من مئات في الأصل من تماثيل "أبو الهول" المصرية، وهي محفوظة إلى يومنا الحالي.
وكان هناك مشروع لترميم تماثيل الفلاسفة بسقارة. وكان أحد مشروعات الترميم المهمة؛ إذ عانت تلك التماثيل، التي ترجع للعصرين اليوناني الروماني، من العديد من مظاهر التلف، وأهمها ضعف الحجر المنحوت منه التماثيل، ووجود شروخ وفجوات في بعضها، بالإضافة إلى وجود كسر بأحد التماثيل وانفصال بعض أجزائه. وشملت عمليات الترميم التنظيف، وملء الشروخ، وتقوية التماثيل، خاصة الأجزاء الضعيفة منها. وتعد منطقة تماثيل الفلاسفة من أهم معالم سقارة الأثرية من الفترة اليونانية-الرومانية.
|