القاهرة 24 ديسمبر 2022 الساعة 08:36 م

بقلم: د. حسين عبد البصير
تطورت المقابر الملكية في مصر القديمة لأسباب عديدة؛ كان أهمها خدمة الدِين، وتطور شكل المقابر في عصر الأسرات المبكر أو عصر الأسرتين الأولى والثانية وأخذت شكل المصطبة، والمصطبة عبارة عن شكل مستطيل يتكون من بئر يوصل إلى حجرتين، واحدة كانت حجرة للتخزين والأخرى حجرة للدفن، ثم حدثت طفرة كبيرة في بناء المقابر حين تحولت من مجرد مصاطب بسيطة مبنية من الطوب اللبن إلى بناء هرمي الشكل مكون من عدة مصاطب، الواحدة فوق الأخرى، وكان صاحب هذه الفكرة هو المعماري العبقري إيمحتب الذي عاش في عهد الملك زوسر في عصر الأسرة الثالثة. وكانت تلك هي البداية أو فاتحة عصر الدولة أو عصر الأهرامات أو عصر بناة الأهرام، أو عصر الأسرات من الثالثة إلى الثامنة.
ووصل تطور بناء الأهرامات إلى ذروته في عهد الملك سنفرو، والد الملك خوفو، وقام سنفرو بعدة محاولات للوصول الى الشكل الهرمي الكامل، ففي هرم ميدوم قام سنفرو بإكماله، وبنى "الهرم المنكسر" أو "الهرم المنحني الجنوبي"، ثم وصله إلى الشكل الهرمي الكامل في عمارة الهرم الأحمر الشمالي في دهشور.
ثم ظهر إلى الوجود الهرم الأكبر الأشهر على مر التاريخ، أو هرم الملك خوفو، أحد ملوك الاسرة الرابعة، والذي بدأ البناء فيه المهندس المعماري الشهير، حم إيونو، ويعد هرم الجيزة الأكبر من عجائب الدنيا السبعة؛ نظرًا لعظمته وضخامته في البناء، وأكمل بناء الهرم الأكبر المهندس عنخ حاف، الذي بنى هرم الملك خفرع، أو هرم الجيزة الثاني.
وفي عصر الأسرة الخامسة، قام الملك أوناس أو الملك ونيس (آخر ملوك الاسرة الخامسة) بكتابة متون الأهرام أو نصوص الأهرام للمرة الأولى داخل هرمه في منطقة سقارة، ومع بداية عصر الدولة الوسطى، ظهر تطور جديد في شكل عمارة المقبرة الملكية، فقام الملك منتوحتب الثاني نب حبت رع ببناء مبنى يجمع بين المعبد الجنائزي والمقبرة، وتوجه ملوك الاسرة الثانية عشرة بأنظارهم إلى مناطق عدة في الفيوم، واللشت ودهشور في الجيزة، وقاموا ببناء أهرامات صغيرة من الطوب اللبن بكسوة من الحجر الجيري تعلوها هريمات حجرية.
واختلف شكل المقبرة اختلافًا واضحًا خلال عصر الدولة الحديثة، حين قام ملوك الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرون بنحت مقابر في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر، وقاموا بفصل المقبرة عن المعبد، وتخلوا تمامًا عن الشكل الهرمي مستغلين شكل الجبل في البر الغربي كبديل عن وجود الهرم؛ وذلك لعدم جذب انتباه السارقين لمقابرهم، وقاموا بتسجيل بعض الكتب الجنائزية وبعض النصوص والأناشيد الدينية خصوصًا التي تمجد وتقدس وتظهر رحلة إله الشمس رع في العالم الآخر والحياة الدنيا على جدران مقابرهم.
|