القاهرة 20 ديسمبر 2022 الساعة 12:44 م

بقلم: د. حسين عبد البصير
بدأ المصريون القدماء الدفن منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد اعتنوا بدفن بموتاهم بدرجة كبيرة؛ نظرًا لاعتقادهم في وجود حياة أخرى أبدية بعد الموت، وحافظوا على الجسد، وأعدوا المقبرة للمتوفى بشكل لائق، وأمدوا المقبرة بالأثاث الجنائزي وكل ما يلزم المتوفى خلال رحلته في العالم الآخر، سواء أكان ملكًا أو من كبار رجال الدولة أو الأفراد العاديين.
يعتقد الكثيرون أنه لا توجد لدينا أهرامات إلا أهرامات الجيزة الشهيرة، خصوصًا هرم الجيزة الأكبر أو هرم الملك خوفو، والحقيقة أنه يوجد في مصر ما يقرب من 140 هرمًا في أماكن عديدة من أرضنا المباركة، ولا يعرف أحد ما تخفيه رمال مصر من آثار ومقابر وأهرامات، والمستقبل وحده كفيل بإخطارنا بالمزيد من المعلومات عن تلك الكنوز الخفية في رمال صحراء مصر الثرية.
ونقسم أهرامات مصر في عدة مجموعات جغرافية من الشمال إلى الجنوب، وتعد عصور ما قبل التاريخ هي العصور التي لم تعرف مصر فيها الكتابة، وامتد عصر بناة الأهرام أو عصر الدولة القديمة من الأسرة الثالثة إلى الأسرة الثامنة حين تعاظمت قوة الملك خلال تلك الفترة. وقام الملك زوسر، من أشهر ملوك عصر الأسرة الثالثة، ببناء هرمه المدرج في سقارة، حين رغب في بناء مقبرة على شكل مصطبة على نسق أسلافه ملوك الأسرتين الأولى والثانية، غير أن تلك المصاطب ازدادت لتصل إلى نحو خمس مصاطب الواحدة فوق الأخرى لتكون أول هرم مدرج حجري في تاريخ البلاد.
وفكر المصريون القدماء في بناء الأهرامات بهذا الشكل؛ لأنها كانت مرتبطة بإله الشمس رع، وجاء شكل الأهرامات عندما لاحظ المصري القديم انكسار شعاع الشمس مكونًا مثلثًا أو الشكل الهرمي؛ فأخذ الفكرة من شعاع الشمس الممثل لرب الشمس الإله رع، وهكذا، تكون الأهرامات مصدرًا وممثلة لديانة الشمس حين تشع الأهرامات بشكل مبهر عند شروق الشمس وتظل متوهجة إلى غروبها.
وتُشِير نصوص الأهرام التي وُجِدت منقوشة داخل الأهرامات ابتداء من نهاية عصر الأسرة الخامسة إلى وجود اعتقاد بأن الملوك المصريين القدماء سوف يصعدون إلى السماء على درجاتها، وأن الأهرامات كانت سلم صعود لأرواحهم إلى السماء، وفقًا لعقيدة وعبادة إله الشمس، وتصف الملوك المصريين القدماء وهم يرتفعون إلى السماء على أشعة الشمس.
وكانت الجوانب المنحدرة للهرم، التي تشبه شكل أشعة الشمس وهي تشرق من السماء، هي أحد الطرق الجديدة إلى الصعود إلى السماء، وقد ألهمتْ عبادة الشمس بشكل كبير المعماريين المصريين؛ كي يصمموا الأهرامات.
|