القاهرة 13 ديسمبر 2022 الساعة 11:12 ص
كتبت: سماح عبد السلام
تظل النوبة وصعيد مصر مادة ملهمة للفنان التشكيلي الكبير الدكتور مصطفى الرزاز، ليقدم من خلالهما العديد من الأعمال الفنية التى استوحاها على مدار نصف قرن، لتكشف بدورها عن شغفه بهذه المناطق عبر لوحات تجربته الأخيرة "القيامة" وعلى إخلاص الفنان لمشروعه الفني الذى بدأه قبل خمسين عاما.
يؤمن د. الرزاز بالبحث والتجريب والمغامرة، إذ كثيرا ما يؤكد عبر لقاءاته بأن حياته ترتبط بهذين العنصرين، باعتباره بالأساس باحثا وفنانا وفي الوقت نفسه شخص عنيد لديه فكرة اختبار النفس؛ هل أفلس أم لا؟ فهو يرسم عناصر محدودةً مثل النبات والحصان والمرأة، يرسم مثل هذه العناصر على مدار السنين مئات المرات، ولكن لا يتكرر شكل أو دور أى عنصر في عمل آخر.. عندما يشعر بأنه يكرر نفسه يتوقف.
كما يتعامل د. الرزاز مع الفن باعتباره بديلاً مسالمًا للموت والعنف، ومن ثم يمارسه بحب ودأب شديدين حرص عليهما منذ احترافه لهذا المجال، لم تثنه خلالها المناصب العديدة التى تبوأها أو الانشغالات الحياتية، بل كان يرسم فى أى وقت وتحت أى ضغط أو ظرف، حتى أن أصدقائه كثيرا ما كانوا يرددون مقولة دائمة مفادها "أن الرزاز إذا استوقفته إشارة مرور سيبادر بالرسم"! وهو ما يعكس شغفه الشديد بها المجال الذى قدم خلاله أكثر 130 معرضا فرديا، فضلاً عن مئات المشاركات الجماعية وإصدار العديد من الكتب الفنية.
يجمع د. الرزاز بين النحت والتصوير، إذ يعتبر النحت جزءا من اللوحة، بمعنى أنه يمكن استخراج رسمة من لوحته وتحويلها لعمل نحتي، أو بناء لوحة على عمل نحت، النحت والتصوير يولدان معه فى وقت واحد، منحوتاته لا تنفصل عن التصوير.
وبالنظر لأحجام الأعمال الفنية بمعارض د. الرزاز نجده بكل معرض يعمد لاختيار ثلاثة مقاسات باللوحات، وتنفيذ مجموعة أفكار بكل مقاس، إذ يؤمن بأن كل موضوع يحدد الحجم الذى يُنفذ به، فضلاً عن أن التنوع يكون مفيدا فى العرض، فإذا كانت الأعمال فى حجم واحد وبالتجربة يحدث نوعا من الرتابة والملل، نجد المتلقي يشاهد عشرة أعمال ثم يترك المعرض، لكن تنوع الحجم يصنع مثيرا يدفع المتلقي لمتابعة جميع الأعمال.
وفي النحت كذلك هناك مقاسات وأحجام طويلة وصغيرة ومتوسطة، إلا أن تكلفة النحت أصبحت باهظة الثمن ومن ثم يقتصد في التماثيل الكبيرة وينفذ أكثر من مثيلاتها الصغيرة.
تحل الألوان الدافئة فى المرحلة الأخيرة لدى د. الرزاز لتحمل بهجة بصفة عامة، وإن كان يقوم بالرسم واختيار الألوان بصورة تلقائية حسب المشاعر، فالحالة هى التي تفرض اللون، لذلك لا يحدد اسم أي معرض يستعد لتقديمه حتى تتضح غالبية الأعمال ومنها يعرف الاسم، ليس لديه خطة يقوم بتنفيذها، بل يعمل ويطيح بنفسه في أي اتجاه، وعندما تتضح الملامح يعنون المعرض.
|