القاهرة 06 ديسمبر 2022 الساعة 10:47 ص

بقلم: د. فايزة حلمي
كل عام؛ تأخذنا الطبيعة بهدوء خلال درس أخلاقي لديه الكثير لتعليمنا إياه حول كيفية ارتباطنا باللحظات الأكثر إحباطًا ويأسا في نمائنا، بدءًا من منتصف شهر أكتوبر في نصف الكرة الشمالي؛ تنخفض درجات الحرارة، وتطوُل الليالي، وتصبح الأرض باردة وصلبة، وينخفض الضباب فوق الأرض، وتتدفق الأمطار بشدة عَبر المناظر الطبيعية الخالية مِن كل زينة؛ ذات اللون الرمادي والبني الضبابي، لا يوجد شيء فوري يمكننا أن نأمله؛ الآن ليس لدينا ما نفعله سوى الانتظار بصبر مستسلم، حتى يظهر شيء أفضل.
أبعَد بكثير مما يمكننا قبوله بشكل عام؛ فإن عقولنا أيضا لها دورات، لا يمكننا أن نكون بشكل دائم مثمرين أو مبدعين، متحمسين أو منفتحين، هناك أوقات ضرورية للتقوقع، حين يبدو أنه لا يوجد بديل؛ مهما كان ما نرغب فيه؛ سوى التوقف، لم يعد بإمكاننا أن نكون مُنتجين؛ نفقد الاتجاه والإلهام، نصبح مخدّرين وغير مُثمرين بِلا حِراك.
مِن السّهل الفزَع: لماذا ينزل مثل هذا المِزاج المشلول والباهت؛ على عقولنا التي كانت نشيطة في السابق؟ أين ذهبت كل أفكارنا وآمالنا؟ ماذا حدث للحيويّة السابقة والسعادة؟
ينبغي لنا في مثل هذه الأوقات أن نطمئن من المناظر الطبيعية لأواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، من المؤكد أن الأشياء خالية مِن الحياة، باردة، ومتوقفة، ولكن هذه ليست نهاية القصة؛ الأرض هكذا ليست نهاية بل مرحلة، الموت مقدمة لحياة جديدة، فترة الراحة هي ضامنة لأيام الخصوبة القادمة.
تحتاج جميع الكائنات الحية لإعادة شحن نفسها، ويجب أن تفسح الأوراق القديمة الطريق، يجب أن تستريح الأطراف المتعبة، لا يمكن أن يستمر الرقص والتوهّج، قد يبدو الأمر وكأن لا شيء يحدث على الإطلاق، وكأن هذه غفوة بلا هدف، ومع ذلك؛ في أعماق الأرض، في هذه اللحظة بالذات، تتجمع العناصر البنائية، ويتم وضع البِنية التحضيرية للحماس والنشاط المستقبلي، و ببطء شديد؛ يجمع صيف آخر قوته.
كأن الطبيعة تسعى لإخبارنا؛ لايمكننا أن نكون مُزدهرين بشكل دائم، نحتاج لحظات من الراحة والسكون، لا يوجد ما يدعو للخوف، ستعاود الأمور الظهور، يجب أن نصنع سلامنا مع منتصف شتائنا الخاص داخلنا، وأن نعتمد على تكيّف الطبيعة الحكيم؛ لتقويتنا في سعينا لتحقيق الصفاء والصبر.
• شَجَن منتصف الشتاء "أسطورة - أَم واقع"
بعيدا عن الاضطرابات العاطفية الموسمية المرتبطة بالمناخ؛ يمكن للعوامل الاجتماعية والثقافية أن تجعل العطلة الشتوية صعبة على الأشخاص المُعرّضِين لاعتلال الصحة النفسية، بالنسبة للكثيرين؛ فإن هذا الوقت مِن العام يعني الفرح وتقوية العلاقات، لكن هناك شعور واسع الانتشار بأن الجميع ليسوا سعداء، وهناك دليل يدعم ذلك.
كان لدى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في نهاية شهر (ديسمبر) رضا بسيط عن الحياة، ولكنه أقل بشكل ملحوظ مِن أولئك الذين تمت مقابلتهم في أوقات أخرى من العام، وفقًا لمسح أوروبي كبير؛ في المتوسط: كانت المشاعر الإيجابية لا تزال تتجاوز المشاعر السلبية، ولكن بدرجة أقل مما كانت عليه في المواسم الأخرى.
وجود اكتشافات أن العطلة الشتوية تزيد من تكرار المشاعر السلبية؛ تؤكد الحاجة إلى توخّي الحذر مِن التفاقم المُحتمل لمشاكل الصحة النفسية.
على الرغم من أن جائحة Covid-19 ستعطل الأنشطة المعتادة في العديد من البلدان هذا العام، إلا أن احتفالات منتصف الشتاء عادة ما تتضمن قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والعائلة، بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم مثل هذه الصلات، قد يكون الوقت بائسًا بشكل خاص، خاصة في غياب الاتصالات الروتينية في العمل.
• أن تكون وحيدًا في حشد من الناس
بالنسبة لأولئك الذين لا معارف مُقرّبين لهم، في كثير من الأحيان بسبب مشاكل الصحة النفسية الشديدة، يمكن أن يكون الوقت قاتما حقا، هكذا كتبَت امرأة عن الأوقات التي أمضت فيها إجازة منتصف الشتاء دون أبناء أو أصدقاء أو أسرة ؛ وكانت وَجبَاتها الاحتفالية عبارة عن طعام مُعلّب.
وجدت دراسة من كندا أن أكثر الضغوطات شيوعًا التي أبلغ عنها مَرضَى الطوارئ النفسية خلال فترة منتصف الشتاء هي الشعور بالوحدة (40?) وعدم وجود عائلة (38?)، لكن أسباب تدني الحالة المزاجية ومشكلات الصحة العقلية الأخرى؛ كانت مُعقدة.
يرتبط الانخفاض الموسمي للتعرض للضوء؛ بالاكتئاب الشتوي العَرَضي، وبوجود خلل في أنظمة السيروتونين، رغم أن الأدلة على فائدة العلاج بالضوء في الوقاية من الاضطرابات العاطفية الموسمية؛ محدودة ، إلّا أن التعرّض للضوء أمر بالغ الأهمية للحفاظ على إيقاعات الساعة البيولوجية، لأن اضطرابها مرتبط بضعف المزاج، وهذا أيضًا نتيجة لاضطراب النوم، وهو سِمة مِن سِمات الاحتفالات الموسمية: حيث تتداخل أنظمة الناقلات العصبية التي تتوسط في النوم؛ مع تلك التي تشارك في الحفاظ على الصحة النفسية.
• مساعدة المعرضين للخطر
خلال العطلة الشتوية، من المهم أن نكون متيقظين لاحتمال تدهور الصحة النفسية، وأن يطلب المرضى المساعدة عند الحاجة، من الجيد الاعتراف بالآثار المفيدة للتمارين الرياضية المنتظمة والنوم؛ الآثار الضارة للإفراط في تناول الكحول؛ والضغوط التي يمكن أن تنتج عن الإفراط في الموارد المالية، وأحيانًا بسبب ديناميكيات الأسرة.
في توصياتها، تجمع مارجوري باير بين الخبرة المهنية والنصائح المنطقية لأولئك المعرضين للخطر.
تقليل الضغوطات:
- خطة الوقت والإنفاق والاتصالات الاجتماعية.
- توقّع واتخاذ خطوات لتجنب الخلاف الأسري.
- تقاسم المهام بحيث لا تقع المسؤولية على عاتق شخص واحد.
- إدارة التوقعات بشأن الهدايا.
|