القاهرة 30 اكتوبر 2022 الساعة 04:43 م
عزيزي عمر خورشيد.. مرت الأيام سريعا وتقابلنا من جديد، حدث العديد من الأمور التي أود مشاركتها معك، لعل أبرزها الأبطال من المصريين البسطاء!..
عندما أذهب لأي مكان أفضل التنقل بالمواصلات العامة، لاسيما مترو الأنفاق وعرباته الجديدة أو الباصات المختلفة، التي تصل بنا لأي مكان بسهولة ويسر عن السابق.. لقد عانيت كثيرًا من ندرة وسائل النقل داخل القاهرة وضواحيها..
لذا أتحين الفرص للنزول للشارع للاحتكاك المباشر بالناس.. متعتي أن أتقابل مع البسطاء، أن أطالع الوجوه، أن أبتسم في وجه من لا يعرفني، أن أنصت لأحاديث هذا وذاك العفوية، أن أنجذب لتلك الضحكات التي تشق السكون..
ضحكات مرحة نابعة من القلب غير مصطنعة بعيدة كل البعد عن التكلف..
من الجيد أن تبتعد عن الصور النمطية التي حصرتنا بها التكنولوجيا وعالم "السوشيال ميديا"، لا أخفي عليك، وجدت في البعد عن الميديا راحة، فالجميع على مواقع التواصل الاجتماعي خبراء في الاقتصاد، والسياسة، والعسكرية، والتحليل الرياضي، والنقد الفني! وجدت الراحة والطمأنينة في البعد عن صخب المثاليين ذوي الوجوه المتعددة! الحياة بعيدًا عن الميديا كلها واقعية، وحرية، وروح، وانفعالات حقيقية.
أجمل ما في الميديا أنت، وكل من يقرأ رسائلنا، كل من ينصحني أن أكتب بالنيابة عنه، للبشرية، للغد، للأمل، للحياة، للتوعية، للرقي، للسعادة والجمال.
أكتب لكل من يقتطع من وقته ليقرأ، أكتب لكل من يقدس قيمة الحرف، وتأثير الكلمة البناءة التي تمدنا باليقين، بالتغير، لذا تجدني أكتب للمستقبل..
عن فرحة المصريين.. عزيزي عمر خورشيد.. تواعدت مع بعض الأصدقاء وتقابلنا في أحد المولات الشهيرة، تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر المصري..
بمجرد أن وصلت للمكان المحدد سمعت هتافًا يرج جدران المول بسعادة وقفزات المشجعين والابتسامات تملأ الأجواء.
وجوه فرحة تتابع الإعادة وقرار الحكم بشغف.. توجهت لأقرب شاشة -لأرى الهدف الأول- هدف احترافي وممتع جدًّا. توقفت أمام الجمهور وتأملت الملامح لأجد السعادة تطغى على الوجوه، والعيون تكسوها لمعة خاصة كلها ظفر وسعادة..
ربما لو اخترع العلماء جهازًا حساسًا لرصد ذبذبات السعادة المنبعثة في المكان والتي تشبعت الأجواء بها بشكل واضح وملموس.. لو كان بيدي لجمعت هذه الذبذبات -وتلك القلوب الطائرة الفرحة- في عبوات وقمت بتوزيعها مجانًا في الشوارع لكل عابس أو يائس ومتشائم! ربما أصابته عدوى السعادة، وانتقلت له الفرحة وبريق العيون! لا أخفي عليك، لدي حلم بسيط، أتمنى أن يلتفت إليه أحده..
أتمنى أن تخصص الدولة يومًا، وتطلق عليه "يوم السعادة"، يجب أن نجعله "عيدًا للسعادة"! ننحي مشاكلنا وهمومنا جانبًا، ونقرر أن نسعد في هذا اليوم..
نستيقظ صباحًا، نأكل، ونتنزه، ونشاهد كل ما يبهج، نغلق قنوات الأخبار خلال هذا اليوم أو نقاطعها تمامًا.. فالأسود يؤدي للمزيد من السواد، والأبيض يؤدي للمزيد من النور.. فلنتجه للنور، ولا نلتفت لأي أسود..
فأنا على يقين أن من يجرب النور لن ترى عينياه أي سواد مجددًا، وعن قناعة وليست مسكنات وقتية كما يتهمنا أنصار المعسكر الغارق في السواد! فهناك من يدعو كل داعم للأمل، للخير، والنور، بالمغيّب! لا يدري أن العيب به وأنه الشخص المغيب بيننا! هو المتشائم الذي يرى في السواد شفاءً وتكفيرا لذنوبه وتطهيرًا وتطهر من كل مساوئه.
عزيزي عمر خورشيد.. هلت علينا نسمات الشتاء العليل.. أحب الشتاء حد العشق، حد الذوبان، سأخرج كوفيتي، وطاقيتي الصوف، وسأخرج من قوقعتي الصيفية، وأتنزه برفقة من أحب، وأرسم، وأرقص، وأغني وأزرع، والتقط المزيد من الصور بكل الحب وبكل السعادة.. فصل الشتاء بالنسبة لي "عنوان لتأجج العاطفة"، لبداية كل شيء !يكفي أن أمطاره تغسل المباني، والطرقات والأشجار، ومن قبلهم القلوب! وكأنه يأخذ بيدنا للغد بمنتهى الهدوء والبساطة.. يشجعنا على نفض الهموم وتراب الأيام، والبدء من جديد، كل ما ينقصنا في هذه اللحظات هو لحنك الذي أحب، الذي يجمل أيامي، ويجمعني بمن يحبك مثلي! يكفي أن يزين لحن رصاصتك خلفية الصورة في أيامنا كلها، ليظل عنوانا للعبور العظيم! العبور من الظلام للنور، من اليأس للأمل، ومن الماضي للمستقبل..
ما أجمل أن تكون أنت ولحنك الملحمي شريكا لنا في كل ما يمر بيومنا من انكسارات، وخذلان، وقوة، وحب، وصمود.. لو كان بيدي لوزعت رصاصة على كل مصري ليحتفظ بها في جيبه، تماما كبطل فيلمك الذي أحب.. ليتأملها كل حين فتمده بالأمل والثقة بأن النصر أمر حتمي، وأن القادم أجمل، بفضل وجود كل مخلص، ومحب، وعاشق لهذا الوطن الذي يتربص به الجميع.. ممن يتلاعبون بأحلام البسطاء، ناسين أن جميعنا بسطاء ورغم ذلك لا نفكر إلا في بلدنا ورفعتها وازدهارها وتقدمها وإعلاء رايتها.
عزيزي عمر خورشيد.. كن بخير، حتى نلتقي مجددًا.. وإلى اللقاء.
|