القاهرة 18 اكتوبر 2022 الساعة 08:25 ص
بقلم: سماح عبد السلام
شهد المعرض العام فى دورته الثالثة والأربعين، والتى انتهت منذ عدة أيام تكريم الفنان التشكيلي الراحل الدكتور أحمد نبيل، والذى رحل منذ شهرين، كما تقيم نقابة التشكليين حفلاً لتكريم الفنانين الحائزين على جوائز الدولة ومن بينهم اسم الدكتور أحمد نبيل الذي حصل على جائزة الدولة التقديرية لعام 2022.
ينتمى أحمد نبيل إلى الجيل الثالث الذي تخرج في الستينيات، حيث تربى على كسر التقاليد الأكاديمية التي كانت موجودة في مناهج التدريس. انخرط مع زملائه زكريا الزيني في الحياة الشعبية، حيث التأثر بالموروث الشعبي منذ الطفولة في الموالد ومنها السيدة زينب والحسين والسيد البدوي، حتى أن العالم الذي كان موجودا في ذلك الوقت كان عالما سيرياليا. إنه العالم الذي عاصره حامد ندا والجزار، حي السيدة زينب وهم أبناء هذا الحي، هو ذاته العالم السيريالي، وهو الذى عاصره نبيل كذلك، ومن هنا حاول تقديم فن مصري ارتبط بالحياة الشعبية إبان هذه الفترة.
والمتتبع لتجربة التشكيلي أحمد نبيل ابن جيل الستينيات، يجد أنه فنان من طراز رفيع صاحب تجربة إبداعية تجاوزت الخمسين عامًا، قدم خلالها العديد من المعارض الفنية التي تؤكد رصانة الفكرة وعمق المضمون.
لم ينشغل الراحل بالانتماء لمدرسة فنية معينة، بل كان يحرص على الاهتمام بلغة التصوير والخط واللون والملمس والمساحة، حيث سعى للتركيز على هذه العناصر كأستاذ للفنون الجميلة بشكل مجرد.
تجلت الأسطورة بتجربة التشكيلي أحمد نبيل، حيث علل ذلك في لقاءات سابقة بأنها ظهرت خلال زيارته إلى الأقصر وأسوان وسانت كاترين، شاهد جبل موسى وسيوة وعين العرائس وكيف أن العرائس يستحمون بها، كما تأمل الريف وعاداته وتقاليده المختلفة وطرق طرد العفاريت، وحفلات الزار والمعزة أم رجل والديك أبو عُرف أخضر والشعاويذ وكيف أنه ينتقل ناس من الفخامة إلى البدائية والشعوذة بفضل هذه الأساطير.
وعندما كان في المسافر خانة كانت هناك ساقية تقوم النساء اللواتي يردن أن ينجبن بزيارتها، كل هذه الأشياء كانت دافعًا لتحريك مخيلته الإبداعية لتقديم عالم الأسطورة بطرق متباينة.
كما نقل نبيل معاناة الإنسان وإرهاصاته في الشارع المصري في عدد كبير من أعماله، تجلى فيها الرمز والذي ساهم بدور أساسي في إيصال معاني وقيم جمالية وتعبيرية عديدة إلى المتلقي، فضلاً عن غنى السطح بمفردات وعناصر وتراكيب لونية جاءت مُعبرة عن أحاسيس ومشاعر إنسانية وتتناول أيضا قضايا اجتماعية.
كما شكل بأبجدياته المتمثلة في المرأة والحصان ومفردات بيئية ونباتية رمزية دلالية تعبيرية متفردة، وخصوصية تعكس تجربته الجمالية التي تخلى فيها عن الزُخرف الشكلي في مقابل تكثيف المعنى والدلالة.
|