القاهرة 18 سبتمبر 2022 الساعة 01:00 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مرت الأيام وتقابلنا مجددا..
يقولون أن العمر لحظة.!
أما أنا فأقول كم من لحظة تساوي هذا العمر..؟!
لحظات معدودة في عمرنا لكنها تساوي الحياة بأكملها.!
سافرت برفقة بعض الأصدقاء لرحلة في جنوب سيناء "مدينة دهب"، تلك المدينة التي تستحق أسمها عن جدارة، فهي ذهبية الطابع، نادرة الوجود كالحجر الكريم، يقع في غرامها كل من يطأها للمرة الأولى، فيها ما لم أجده في شتى بقاع مصر، سحر، جاذبية من شأنها أن تذيب القلوب وتأسر الأرواح، ربما سر تميزها كونها جزء غالي من أعز بقعة في أرض مصر "سيناء" تلك الأرض الساحرة، الخلابة المناظر.
بمجرد أن تعبر نفق الشهيد" أحمد حمدي" وتعبر للجانب الأخر، تصبح أسير هواءها وأهلها وسماءها.. رحلة قد تكون مرهقة لطول المسافة، إلا أن الأمر يستحق العناء.!
يقولون أن المتعة في الرحلة وليس في الوصول، لكن هنا الوضع يختلف كلياً، فالمتعة هنا في الرحلة وفي الوصول حد السواء.!
سافرت برفقة مجموعة راقية من الأصدقاء، تآلفنا بسرعة وانصهرنا معًا، وأصبحت رحلة من أمتع رحلات العمر، بل من أروع لحظات حياتي.. كم وددت أن تمتد لأكثر من ذلك، لكنها الحياة، لحظات السعادة بها معدودة، تمر بسرعة خاطفة، ولا أخفي عليك أني أرى تلك المدينة الرائعة بلداً شديد الاختلاف، تستحق بجدارة كل الحُب وتلك المكانة العزيزة في القلوب، لو كان بيدي لأقمت بها ما تبقى لي من عمر، ففيها كل ما أحُب، هدوء، وسلام نفسي، وحُب، قلوب طيبة سمحة ومسامحة، وسماء، وبحر، وحيوانات تعيش بسكينة تامة..
لا ينقصها إلاك، أنت وجيتارك ولحنك الذي أحُب ويحبه من يحبك مثلي..
عزيزي عمر خورشيد،،
يقال أن الخوف يقتل المتعة..
لا أخفي عليك، فالخوف يقضي على أجمل اللحظات، إذا وجد الخوف تلاشت السعادة.. قررت كسر حاجز الخوف، قررت ألا أخاف، اكتشفت أن الخوف قرار.!
لم أعد اعتبره مجرد شعورا، وبالتالي لم ادعه يتحكم في.. قررت في جزء من الثانية ونفذت.. خضت تجربة جميلة جديدة مع ابني وصديقه، فقد قررا أن يركبا خيل فانضممت إليهما.! قد يكون لدي خلفية بسيطة بحكم كوني شخصية رياضية سابقة، لكن لم أصل حد التمكن أو الاحتراف مثلهما..
قررت أن أجرب..!
ينصحنا البعض دائما أن نضع ثقتنا فيمن معنا من مدربين.. وهذا يشمل رياضة الغطس والقفز بالمظلات وركوب الخيل.! مالك الخيل شخصية ماهرة، قام بتوجيهي عن بعد، وتركني أخوض التجربة، بعد أن اختار الخيل بناء على شخصياتنا، فاختار لي" بحر"، فرس عربي أصيل.! ما أجمله من بحر.! يشعر بتعبي فيتمهل، وبسعادتي فيسابق الرياح..
وهكذا قضيت معه ما يزيد عن الثلاث ساعات كاملة.. وركض بي لأول مرة في حياتي.! ويا له من شعور رائع.!
أن تكون في القمة، وترى العالم من أعلى، و تسابق الرياح، لا ينقصك سوى جناحين كي تشعر بالحرية.! كم أود تكرار هذه التجربة مرات ومرات..
عندما ينكسر حاجز الخوف تتساوى المشاعر ويتضاءل كل شيء.
أنصح الجميع دائماً بالا يخافوا، أن يتحدوا أنفسهم.. وألا يتركوا أنفسهم فريسة للتردد، والخوف الذي يُفوِّت علينا العديد من اللحظات السعيدة، والكثير من متع الحياة التي لا تنضب.!
عزيزي عمر خورشيد،،
يقال أن الإنسان لا يعرف قدره إلا إذا غاب قليلاً وهذا ما حدث معي..
أسرتي ورفيقاتي، لا سيما صديقة الممر العزيزة بثتني شوقها، وشددت على ضرورة العودة بسرعة، لأنها تفتقدني، وكذلك أنا.. أخبرتها أنني افتقدها بشدة وافتقد أحاديثنا ومرحها وأرائها وتعليقاتها على هذا وذاك.. مرت العطلة وانتهت الرحلة، وعدت بسرية دون أن أخبر أحداً لاسيما والدتي، حتى لا يستبد بها القلق، لتفاجئ بي أطرق الباب، رأيت في عينيها اشتياق ودهشة، غمرتها قبلًا واحتضانا، أمازحها بأنني افتقد شجاراتنا وصوتها الحاسم.. لمعت عينيها لملاحظتي تلك..
أخبرتها بأن ما تفعله ظاهرة صحية، غضبها منا دلالة على كونها بصحة جيدة.! طلبت مني أن أخبرها ماذا فعلنا، وهل نفذت نصيحتها ولم أسبح في الأماكن العميقة.. أخبرتها أنني نفذت تعليماتها على أكمل وجه.. ثم أخبرتها
أني ركبت الخيل برفقة ابني وصاحبه، لتتشاجر مجدداً.! أحذرك من الغوص.. فتركبين خيلا يركض بك!! ولم تكتفي بذلك بل تنزلين به البحر أيضاً.! أجننتِ؟!
لا تدري أن قائمة أحلامي الخفية تضم ما هو أخطر، وأن متعتي لا أجدها إلا إذا كسرت حاجز الخوف، وانتصرت على نفسي، وعشت لحظات أراها من بعيد..
لا تدري أيضاً أنني لن أغادر هذا العالم إلا وقد جربت كل شيء.. سواء أكان خطرا أم لا..؟!
فما أراه خطراً يمارسه آخرون، وهكذا هي الحياة، سلسلة من التجارب المغلفة بالمتع.. محظوظ من يقتنص الفرصة للتمتع بما ساقه القدر إليه.!
عزيزي عمر خورشيد،،
لا يمكن أن أختم رسالتي دون أن أحدثك عن الحُب.. لأنك أيقونة الحُب وعنوان الرومانسية.. الحُب تلك العملة النادرة التي نتوهم أننا وقعنا فريسة له وهو أبعد ما يكون عن ذلك.! يُحدث حالة من الالتباس في المشاعر، فما نشعر به قد يكون احتياج مؤقت لاهتمام ما، لا يرقى لأي درجة من درجات الحُب..
لعل ما نشعر به حقاً، هو رغبة في الشعور بالحُب، رغبة في المرور بالتجربة، رغبة في الانغماس في الحالة.. فالحُب الحقيقي لا ينتهي ولا تجف منابعه..
هذا يفسر حالة السكينة والشعور بالراحة عند فراق من كنا نتوهم حُبه..
إذا ما مر لم يكن حُبا، وإنما حالة خاصة.. حلم ما توهمنا وجوده..
فكم من حالة عشنا تفاصيلها وتمنينا أن تكتمل وأن تكون أجمل قصة حُب مرت بحياتنا.. لكن القدر قال كلمته وخط القلم كلمة النهاية، وكان الفراق عنوانها الوحيد..
خلف كل قصة تفاصيل تروى، وأحداث لن تنسى.. فلنتذكر الجيد، ونستبعد السيئ، وننسى ما يؤلم.. فنحن على أبواب الحنين، وموسم الحُب.. فلنجعل أيامنا يزينها الحُب، لكن من نوع أخر.. حُبك، وحُب لحنك الملحمي، ورصاصتك التي تزين جيب بطلك ومن يماثله.. حُب الخير، حُب الوطن، حُب الحُب ذاته وما على شاكلته..!
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير دوما.. لأكتب لك.
|