القاهرة 13 سبتمبر 2022 الساعة 10:40 ص
كتب: علي الشوكي
يمتاز أهالي واحة سيوة -التي تقع جنوب غرب القاهرة بحوالي 850 كيلو متر- بقدرتهم الكبيرة على العمل في ظل الجو الحار القاري الذى يصل في بعض أوقات العام إلى درجات حرارة تصل إلى ما فوق ال 48 درجة مئوية، وفى ظل تلك الحرارة فالعمل يتم في توقيتات معينة ترتبط بأوقات تكون الحرارة فيها أقل على مدار اليوم، ولذلك على السيويين أن يتخذوا قرار الذهاب إلى الحقول في توقيتات مبكرة، وعليهم أيضا أن ينجزوا أعمالهم بسرعة قبل أن ترتفع الشمس إلى كبد السماء، فيتعذر العمل في القيظ الشديد، لذلك تنشأ الأمثال الشعبية لتساعد على اتخاذ القرارات بشكل سريع وحاسم، فمثلا يقول المثل السيوى الذي يحث على اتخاذ القرار الصائب بسرعة ودون تردد:
"ماك ساد يبدد إنس أجاز "
ومعناه بالعربية عندما تعلق العصا يجب أن تنزل بها، وهو يضرب لقطع الشك باليقين وعدم تعليق الأمور، فالوقت عامل مهم في إنجاز الأعمال.
والسيويون معروفون بقدرتهم الفائقة على العمل في جماعات، ويحبون مساعدة الصغار والضعفاء، لاعتمادهم على الموروث الديني في حياتهم اليومية الذى يطالبهم بمساعدة الضعيف وعدم الاستهانة بالعمل الصغير الذى حتما سيساعد في إنجاز المهام الكبرى، وفي هذا يقول المثل السيوى:
"أغرم يسندأس يبوقال"
وهو نفس المثل الشعبي بالعامية المصرية القائل "النواية تسند الزير".
كما أن الأمثلة السيوية تشير في دلالتها أيضا إلى الكثير من الاستخدامات للمفردات الطبيعية والحياة اليومية المرتبطة بالزراعة ورعي الأغنام بسيوة، وارتباط تلك المهن بطبيعة استخدام المحاصيل واللحوم في طهي الأكلات السيوية بشكل كبير، حيث تذكر الأمثلة السيوية بمرادفات بيئية لها علاقة بالحياة اليومية للسيوي، فيقول:
"ون ليشة أكسوم أراغه.. جار إنس ليغنه"
وهو بيعنى "اللي يأكل لحمة نية بطنه توجعه"، وهو يشبه المثل الشعبي العام "اللي على رأسه بطحه يحسس عليها".
وهناك مثل آخر باللغة السيوية التي لها أصول أمازيجية ومختلفة عن اللغة العربية، والمثل يقول:
"ون ديلا جطنجرت جتقلبه مشاظه"
وهو ببساطة يعني "الموجود في الحلة يكب في الطبق"، وهو أيضا مشابه كثيرا للمثل العامي المصري"اللي ف قعر الدست تجيبه المغرفة"، وهو يعنى ببساطة أنه لن يكون هناك سر يدوم طويلا فلابد أن يعرف ذلك السر إن عاجلا أو آجلا.
ومن لا يعرف فإن السيويين يحبون الصدق في المعاملات ولا يحبون الكذب ولا الكذابين، وحياتهم تميل بشكل كبير إلى البساطة والتلقائية والارتباط والتوكل على الله فى كل صغيرة وكبيرة، إذ أن الحياة الصعبة في حرارتها يصعب نجاحها بدون التوكل على الله حتى يتم إنجاح تلك الأعمال.
وتقع واحة سيوة فى جنوب غرب مصر، وتبلغ مساحتها حوالى 80 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالى 50 ألف نسمة، ويتحدث أهلها اللغة السيوية "تاسيويت" بجانب اللغة العربية، وهي إداريا تتبع محافظة مطروح، ويسكنها حوالى 11 قبيلة سيوية تكون الشكل القبلي لمعظم أهل سيوة -فيما عدا قبيلة واحدة فقط تسمى الشهيبات وهى قبيلة بدوية وليست سيوية- ويعيش جزء منهم في واحة سيوة، والواحة مشهورة بعيون المياه الطبيعية التي تزيد عن 400 عين، أشهرها عين كليوباترا، وعين كيفار، وبها عين كبريتية تستخدم للاستشفاء، كما يوجد بها العديد من الزراعات أهمها نخيل البلح الذى يعد من أهم المحاصيل بالواحة، إضافة إلى الزيتون السيوي الشهير الذي يستخرج منه زيت الزيتون الذى يعد من أجود أنواع زيوت الزيتون في العالم نظرا لاحتوائه على أقل نسبة من الأحماض والدهون.
|