القاهرة 07 سبتمبر 2022 الساعة 10:29 ص
بقلم: أحمد محمد صلاح
وقعت اليونان تحت سيطرة روما، أو الرومان، بعد الهزيمة التي مني بها اليونانيون في كورينث في المعركة المعروفة باسمها عام 146 قبل الميلاد، ولكن سبق ذلك عدد من الحروب والتي عرفت بالحرب المقدونية، وكانت على أربع مراحل، وكانت المرحلة الأخيرة من هذه لحرب بين عامي 150 إلى 148 قبل الميلاد وفي عام 146 الذي دمرت فيه كورينث، دمرت أيضا قرطاج وتم تقسيم مقدونيا من قبل الرومان إلى مقاطعتين رومانيتين جديدتين هما أخايا وإيروس.
أعقب ذلك سيطرة كاملة على كل الإمبراطورية اليونانية، وكانت النهاية بعد معركة اكتيوم البحرية عام 31 قبل الميلاد التي انتصر فيها أغسطس على كليوبترا السابعة ملكة مصر البطلمية ومارك أنطوني، بعدها تم فتح الإسكندرية عام 30 قبل الميلاد وهي آخر مدينة تمثل الحضارة الهلنستية.
كان لا بد من تلك المقدمة التاريخية البسيطة لنعرف ما الذي حل بالفن اليوناني، أو بمعنى أدق من الذي أثر في الآخر، وأي أرض نقف عليها الآن، من الواضح جليا أن الفن الروماني أخذ وتأثر كثيرا بالفن اليوناني وخاصة في مجال النحت، فبعد أن أخذ العصر الهلنستي ينقضي بالتدريج حل محله الفن الروماني الذي أصبحت له السيطرة الكاملة.
وعلى الرغم من أن الفن الروماني بدأ قبل 1000 سنة قبل الميلاد واستمر حتى 330 م، أي أنه بدأ قبل تأسيس الإمبراطورية الرومانية عام 509 قبل الميلاد، إلا أن الفن الغالب على تلك الفترة تأثر بالفن اليوناني، كما قام الرومان بسلب عدد كبير من القطع الفنية من المدن التي قاموا بغزوها، ومن ثم قاموا بإنشاء المدارس الفنية واستقدام الفنانين الأجانب للتدريب وتعليم الفنان الروماني، كذلك أقاموا العديد من ورش العمل مع هؤلاء الفنانين الأجانب الذين جاءوا من اليونان ومصر، ليتم صبغ الفن الروماني بتلك الصبغة.
أنتجت روما فنا إمبراطوريا متجانسا بدرجات متفاوتة، وأصبح بمضي الوقت هذا الفن يتحكم في الأذواق لأنه ضم في جنباته كل روافد الفنون التقدمية والكلاسيكية أيضا، وبدأت السمات الرومانية تزداد في عناصر هذا الفن الهجين، حتى أصبحت له الغلبة في العصر المتأخر من الإمبراطورية، وفي تلك الفترة المتأخرة من عصر الإمبراطورية الرومانية ازداد الفن شعبية ولم يعد قاصرا علي الطبقات المثقفة فحسب، بل وصل إلى الطبقات الأدنى وهو ما افتقده الفن اليوناني.
أخذت روما عن اليونان الكثير من الإرث الثقافي والفني، واعتمد الفن الروماني في بدايته على تقليد القطع اليونانية الشهيرة مثل تمثال doryphoros الذي عد مفقودا في الحضارة اليونانية، وقد صب من البرونز، في حين أن التمثال الروماني قد نحت من الرخام.
ويقول النقاد إن الفنان الروماني لم يقم بتقليد ونسخ القطع النحتية اليونانية كما هي ولكنه استطاع أن يضفي عليها طابعا مختلفا، أي أن الفنان الروماني قد حاول أن يبدع بالرغم من أنه كان مكلفا فقط بنقل شكل التمثال، وأصبح التطور الفني ولا سيما في ميدان نحت الشخصيات مرتبطا بالإرث الروماني القديم الذي ظل قائما دون انقطاع في أقنعة الأجداد التي كانت تعرض في القاعات، ولو وصفت تلك الأقنعة بأنها فن شعبي نكون على خطأ كبير، إذ إنه على الرغم من أن عادة الإشراف في تقديم صور تمثل أجدادهم في مواكب جنائزية قد امتد إلى الأسر الشعبية العادية فإن عبادة صور الأجداد ظلت في أساسها سمة تتميز بها الجنازات الأرستقراطية، الفارق الحاسم بين تصوير الشخصيات عند الرومان وبينه وبين اليونان، هو أن الأخير كان يستهدف غرض واحد هو أن يستخدم في الآثار الضخمة العامة.
|