القاهرة 04 سبتمبر 2022 الساعة 10:09 ص
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
تجدد اللقاء وها نحن نجتمع معًا، مر الكثير من الوقت ولم أحدثك عن صديقة الممر..
تقابلنا مؤخرا بعد فترة انشغال وانقطاع متذبذب.. تحدثنا، تناقشنا، ضحكنا ثم بثتني مخاوفها، أنها تخاف عليَّ. تخاف من أن أنزوي مع الأيام وأقع فريسة للحزن، لا تدري أن من يعرفها ويقترب منها لا يمكن أن يعرف الحزن طريقا إليه.. هناك أشخاص نحمد الله أنه وضعهم في طريقنا، وهناك أشخاص نحمد الله أنه أزاحهم من طريقنا..
مابين هؤلاء وهؤلاء نصبح مختلفين، نسخاً معدلة، أكثر نضجاً ووعياً، نسخاً بها الجميل والأجمل من أول نوع. وسيء والأسوأ من ثاني نوع.!
أما أنا أظنني آخذ الجيد فقط من الاثنين وأُنحي كل ما هو سيء وقبيح من أي منهما، حتى ولو كان فراق أيهما مؤلم..
الاعتياد مرض، والفراق عذاب، وما بين هذا وذاك قلوب تتعذب وأرواح تتألم ونفوس تخاف من القرب، من البدايات الجديدة، لمعاناتها مما سبق..
هناك من يترك للخوف مجال للتحكم في كل شيء،
وهناك من يتخطى خوفه ويكمل الطريق، وهو على يقين مما ينتظره.. في نهاية النفق.!
عزيزي عمر خورشيد،،
كلما اقتربت من أحدهم وفور أن يبدأ الحديث، أجد الخوف محور حديثنا، خوف من الغد، من الناس، من المحيطين، خوف من الفقد، خوف من الخذلان.! خذلان المقربين والمجتمع.. لاسيما من نحُب.!
أشاركهم مخاوفهم أحيانًا، وأحيان كثيرة أحاول بث الطمأنينة في النفوس، لكن يظل الخوف هو الشعور الوحيد الذي لا يمكن تخطيه، فهناك من يخاف الظلام ويفضل الضوء، وهناك من يهوى النور وسعادته في الظلام، وما بين هذا وذاك تتأرجح القلوب، وتتأجج المشاعر.! فكم من حُب خفِي عاش في الظلام طيلة حياته، ومات مع أول شعاع نور!
لماذا نفعل هذا؟!
لماذا نخاف الآخرين إلى حد تركهم يقتلون الحُب والنور فينا؟!
بت اقتنع انه كلما ضيقنا الحدود على من نحُب واحكمنا إغلاق الدائرة جيدًا، كلما عاش لفترة أطول وأثمر ونثر عبيره على من حولنا.. فالحُب سعادة لا متناهية والخوف تهديد مستمر وقلق دائم..
لماذا لا يتركون من يحُب يحُب ومن يعشق الظلام يعشقه ومن يهوي النور يعش فيه؟!
لماذا نظل تحت المجهر، كل تصرف نفعله نحرص أن نفسره للآخرين، أو أن نمحوه حتى لا تجف ينابيع الحُب وتتبخر السعادة والمتسبب بها؟!
لماذا تجبرون من يحُب على الهروب؟!
لماذا لا تدعون كل شخص وشأنه، يفعل ما يشاء بحياته، دون تنظير وإسقاط مؤذٍ، يؤلم، ويسيء إلينا، وإلى من نحُب؟!
فهناك من يحتفظ بذكرياته مع من يحُب بصورة أو مكان أو أغنية أو رسالة..
لماذا تتفننون في إجبارنا على محو ذكرياتنا مع من نحُب أو ما نحُب؟!
لماذا تحذرون كل من يحُب بألا يتعلق.. ألا يعطي إلا بحساب؟!
لماذا تشعرون أن من يحُب أنه يرتكب جرمًا أو فعلًا شنيعًا أو أنه مجنون يعاني من مرض عضال.. أسمه الحُب؟!
لماذا لا ندع كل المحبين معًا يفعلوا ما يشاءون يخوضون التجربة معًا بحلوها ومرها، عسى أن تكون نهايتهم غير متوقعة وغير معتادة؟!
فالقلوب وما فيها ملك للخالق وحده ولا سلطان لنا عليها.. فلندعها تضع كلمة النهاية.. وفقما ترى وكيفما تشاء.
عزيزي عمر خورشيد،،
عندما يتحدثون عن الخوف أتحدث عن الحُب، والأمل، والأحلام، والحياة، وأنت..
فأنا اهرب منك وإليك مع من أحُب ومع لحنك ورصاصتك التي أهوى.. ففي الهروب إليك ملاذ وملجأ وراحة أبدية.. يكفي أن يكون لحنك الذي أحُبه ويحُبه من يحُبك مثلي يزين خلفية المشهد لأتغلب على كل شيء.. يكفي أن أشعر أنك ومن أحُب جزء من سعادة ممتدة، أتمنى أن تدوم.. فأنت ورصاصتك السبب في جمع أشخاص شتى من بقاع الأرض ظنوا انه من المستحيل أن يوجد مثلهم حد التطابق على الجانب الأخر من هذا العالم وهذا الزمان.!
اكتشفت أيضاً أنك ولحنك ورصاصتك تمدونني بالقوة، وبفضل وجودكم في حياتي أصبح لحياتي معنى مختلف.. حياة لم يعد للماضي فيها مكان، ولا كلمة كان، ولا للظلام وجود، ولا للحزن معنى.!
تضاءل الكل أمامك وأمام لحنك الذي أعشق..
لذا دائما ما أنصح الآخرين بأن يسمعوا لحن رصاصتك الملحمي، عسى أن يجد النور طريقًا لقلوبهم وحياتهم مثلي..
عزيزي عمر خورشيد،
انتهى شهر أغسطس، وبدأ شهر سبتمبر، أراه أول شهور الحُب والسعادة.. يكفي أنه بداية اعتدال الأجواء وانتظام الحياة.. وبداية مواسم الحنين التي لا تنتهي.. فمع هواء هذه الأشهر القادمة تتجدد الذكريات.. وتشتعل القلوب والرغبة في الحب تزداد بشكل لافت للنظر.. فأجمل الأغاني نسمعها بآذاننا ويتردد صداها داخل أروقة قلوبنا مع من نحُب وحدهم.!
لذا سترى في الشهور المقبلة المزيد من العاطفة، والكثير من الحُب، والقليل جًدا من التعقل.. فلا تندهش.!
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير دوما لأكتب لك.. وإلى لقاء..
|