القاهرة 30 اغسطس 2022 الساعة 10:02 ص
بقلم: حاتم عبد الهادي السيد
تجدر الإشارة هنا إلى أن كل حركة شعرية قد واكبتها تلاحقات تجديدية من جانب النقد، الذي تأثر بالمنجر الكوني والعالمي، وبتلاحقات العقل العربي المصاحب للثورة التقنية والمعلوماتية المعاصرة، أخذ النقد العربي طريقا مغايرة، فلم تعد المباحث البلاغية تصلح بالكلية للتطبيقات النقدية في عصرنا المابعد حداثي -الآني-، نظرا لارتقاء العقل العالمي، وتوجهاته العلمية، والثقافية، والتغايرية المستمرة كذلك.
وأقول: لن تنجز الشعريّة بالطبع قصائد ميكانيكية، أو استاتيكية أو غير ذلك، وإن وجدنا الآن القصيدة التفاعلية والروايات الرقمية وقصص الشات والميديا، وكذلك لن تحدث الشعرية الجديدة بدعا -كما أحسب- في المخترع اللغوي والجمالي، ولكنها تحاول إسقاط -وهذا حق أصيل لها- المقولة الشعرية:
ما أرانا نقول إلا معادا أو معارا من لفظنا مكرورا
بل إنني أقول: "إنها أنتجت شعرية مغايرة، ولغة جديدة قديمة، لغة مستحدثة عبر نظريات اللغة كالاشتقاق والاختزال والإضمار والايجاز وغير ذلك، مستفيدة من التطبيقات اللغوية ومن الظواهر الصوتية ومن الحدس الشعرى وتغاير الذائقة ومن عدة تجاورات تضاف للسابق، تسبقه وتعوّل عليه، ولا تنفيه مطلقا، بل تأخذه في المعيّة، والذاكرة المرجعية في محاولة منها لإنتاجية نصوص دافقة عبر نهر اللغة والابداع المتدفقين بالعقل الشعري للقصيدة الجديدة".
نحن هنا لن نحيل الإبداع لمذهبيات تعيقه عن النمو اللغوي، والتطور الحتمي للأفكار، بل سنقف، وسيقف كثيرون -عندئذ- يحاربون كل ما هو جديد، ولكن تأبى الطبيعة الإنسانية، طبيعة العقل، أن تتوقف عند مسلمات وبديهيات قد نكتشف فيما بعد أننا بتسليمنا الزمام لها، قد تخلفنا عن الركب الحضاري الأممي، أو أننا بصمتنا نرتكب جريمة في حق الإبداع واللغة وحق أنفسنا فى التطور والابتكار والتفكير، وهو الحق الإنساني الأول للحياة.
إن التكنولوجيا ثمثل صورة صادقة لقصة عشق من نوع جديد؛ عشق صوفي وسوريالي، يحيل المحسوس الملموس إلى متخيلات للذات؛ ليعبر منها إلى هيوليات المابعد حداثة الرائقة البديعة؛ عبر تدفق الصورة، وتشكيليتها؛ وكأن كاتبها يفكر الشعر؛ ولا يريد سوى مخاتلتنا بالعشق عبر الذات والكون والعالم والحياة.
|