القاهرة 16 اغسطس 2022 الساعة 09:23 ص
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
تجدد اللقاء وجئتك في الموعد، فأنت الصديق المخلص الذي أبوح له بكل شيء، حتى صرت كتابًا مفتوحا، يستطيع مطالعته الجميع!
لا يزعجني هذا الأمر بالطبع، وإنما يثير دهشتي.. هل حديثي معك يقرب الأرواح إلى هذا الحد؟!
هل رسائلي إليك تشغل الأذهان بهذا القدر؟!
بكل الأحوال ممتنة لكل من يقرأ، وكل من يتابع!
عزيزي عمر خورشيد..
لا أخفي عليك، عندما يحدث معي أي شيء، أهرول لدفتري، لأكتب لك، فالكتابة شفاء وإحدى وسائل العلاج الحديثة، مابالك إذا كانت لك؟!
خاصة لأنك شريكي في كل شيء، في الأفراح وفي الأزمات.. وجودك في الأزمات يمدني بالقوة، بفعل لحنك الذي أحُب، أجدني أستعيد رباط جأشي، وأتماسك، وأعبر أي شيء مهما كانت صعوبته.!
اعتبرك أيقونة للنصر، للنجاح، للتجاوز.. تجاوز أي شيء مهما كان عسيرا بمقاييسي الإنسانية الضعيفة.
يكمن السر في لحنك الذي أحُب، يتميز بقدرات سحرية خاصة، تحيل الظلام لنور، اليأس لأمل، والفشل لنجاح!
في أحلك الأوقات يصلني لحن رصاصتك الذي أعشق، فيمدني بالقوة فتتحول المشكلات لرماد!
أندهش حقا من قدرته على التأثير بي وبمن يحُب لحنك الملحمي مثلي!
لعل هذا السر الخفي الذي يجمعنا والذي بفضله تستمر الحياة والأحلام..
عزيزي عمر خورشيد..
أمر هذه الفترة بحالة انعدام توازن، لا أفهمها حقيقة!
حالة من الحيرة، لأول مرة تضعني الظروف في هذا الموقف الحرج، فيجب أن اختار بين الغالي والأغلي..
انقسم قلبي، واحتار عقلي!
لو تركت للعقل زمام الأمور لأمر بغلق الصفحة تمامًا، لكن القلب من يتحدث هنا، فتجدني لا أقوى على اتخاذ القرار أو حتى التفوه به.. أمر محير حقًا، أن تكون أسير الصراع بين قلبك وعقلك!
عزيزي عمر خورشيد..
هناك العديد من الأمور الحياتية التي أرغب في تغييرها لأنها تكاد أن تكون جزء من يومنا..
أرى أن أغلبنا يعيش على أرض الواقع لكنه ميت بالفعل!
فهو حبيس الحياة بروتينها، حبيس الماضي بكل ما فيه من جمال ورقي وانعدام خبرة وخذلان!
حبيس التقاليد وليست عن قناعة، حبيس الخوف من الآخرين وحكمهم عليه، الخوف من نظرتهم إليه..
لكل هؤلاء، أقول دوما، نحن خلقنا لنعيش، لنخطئ، ونصيب، ونسقط ونقف مرة أخرى.. نهدم وننهدم ونبني من جديد..
حقا تعيس من لم يمر بتجارب تكسره وتقويه، تجارب تختبر قوة تحمله، تكسبه القوة والمزيد من الخبرات والقدرة على التجاوز.. هذه التجارب قد تكلفنا الكثير لكن هذا الكثير يستحق المجازفة.
بشكل شخصي أعتقد أن سر تماسك أي شخص ونجاحه يكمن في الحُب الذي يستمد منه قوته وقدرته على مواجهة الأزمات.. يصفني البعض بالعاطفية.. أفتخر بعاطفيتي لآن هدفها الوحيد نشر الحُب والأمان والاطمئنان بين الجميع، لا سيما محو الحزن من قاموس حياتنا وحياة من نحُب.. لاسيما حب الذات.. أدعو الجميع ممن اختطفتهم الحياة أن يتذكروا أن لأنفسهم عليهم حق.. فليتركوا لها المجال للانطلاق، للحياة بعيدًا عن أية قيود.
عزيزي عمر خورشيد..
يقال إن الحُب يصنع المعجزات، أراه كذلك. بالحُب وحده يمكنك نقل الهرم من مكانه!
لذا عندما يجدنا ونجده لابد أن نخفيه جيدًا بعيدا عن أعين الجميع، لأنه كلما فاح عطره، كلما تعرض للخطر، وتهدد وجوده!
عزيزي عمر خورشيد..
عندما انظر حولي أرى أننا نسخًا مكررة من ذوينا، لا أنفسنا!
لذا أدعو الجميع للتوقف عن تقليد الآباء.. انفعلت على أبنائي، ثرت عليهم بشكل مفاجئ لأن هناك ما يضايقني، نظروا إليّ بدهشة ولسان حالهم يقول: ماذا فعلنا؟
نظرتهم إليّ باستهجان جعلتني أتراجع فورا، واعتذر منهم، وقررت أن أكون أنا لا أمي.. وبدأت معهم فصلا جديدا من الحياة!
من الجيد تدارك الخطأ قبل أن يستفحل أمره، من الجيد أن تعيد النظر وتعيد ترتيب أولوياتك وحياتك..
عزيزي عمر خورشيد..
عندما يحدث تعديل وزاري جديد أترقب ردود الأفعال، لأجد من يبتهج بالتغيير، ولأجد من يواسي القدامى ويبارك للدماء الجديدة.
أما أنا فأتخيل من منا يصلح لهذا المنصب أو ذاك؟!
وهل سيستطيع تحقيق المعجزات وتحقيق التغيير الحقيقي، أم سيقيد بالروتين ويكون نسخه مكررة ممن سبقه؟!
أشفق عليهم، فالشخص بلا منصب قادر على التنفس بحرية.. أما إذا كان حبيس مقعده فحتمًا سيتحرك بحدود، وهذه الحدود ستقيد رغبته بالتغير، وبالتالي تقيد أحلامه!
تحدثت مع صديقي الفيلسوف وأخبرته أنه سيكون وزيرًا يومًا ما في القريب، أتوقع هذا.. انزعج كثيرًا، وأخبرني أنه لا يريد، لأكتشف أنه مثلي يفضل العيش بهدوء، بمنأى عن الأنظار، ورغم أنني أرى أنه لو أصبح وزيرا لقدم الكثير والمختلف.. لكنه أدرك السر!
سر السعادة يكمن في الحرية، في الحًب، في العيش بلا قيود، بلا حسابات، بعيدا عن الأضواء..
ماذا عنك؟!
قطعا كنت سترفض أي منصب سياسي، لأنك تشغل أهم منصب في الوجود بالفعل.. أنت أمير القلوب بلا منازع، لا تحتاج لمنصب لتتمكن من التغيير والتأثير في الآخرين.. يكفي أن تؤلف معجزات موسيقية تأسر القلوب للأبد.. كما حدث معي، ومع من يحُبك مثلي.
عزيزي عمر خورشيد..
كن بخير دوما، وحتى نلتقي.
|