القاهرة 11 اغسطس 2022 الساعة 09:30 ص

كيف تحول الحب إلى طعنة في العلن؟! كيف استطاع عدد من طلاب الجامعات في الآونة الأخيرة هز كيان مجتمعنا، بعد أن تحولت العاطفة في قلوبهم إلى قسوة وغدر، فكانت النهاية دامية روعت حرمنا الجامعي المسالم قبل أن تروع قلوب الناس في شوارع المحروسة؟!
هنا أحدثكم عن واقعتين؛ أولهما قتل طالب كلية الآداب جامعة المنصورة محمد عادل لزميلته بالكلية نيرة أشرف بطريقة بشعة وعلى مرأى ومسمع من الناس، وكيف تكرر الأمر مرة ثانية بالنسبة لطالبة الفرقة الرابعة بإعلام الشروق سلمى الشوادفي على يد زميلها في الكلية الذي تقدم لخطبتها ورفضته!
هاتان الواقعتان العظيمتان القريبتان كيف اتفقتا في تفاصيلهما نفسها وتشابهت أحداثهما وتكررت الكلمات على ألسنة من ادعوا أنهم خدعوا في الحب؟.. تعالوا نمسك طرف خيط، ونحاول أن ننتبعه في ما حدث من وقائع مأسوية.
الواقعتان أبطالهما طلاب في الجامعة، والخلاف بينهما عاطفي، والنتيجة دامية بطريقة مأساوية، حيث انتهت بالقتل وضياع المستقبل من أجل ما تخيلوا أنه الحب! وهو ما يكشف عن أزمة حقيقية داخل حرمنا الجامعي، وبين الطرقات ووسط أصوات رواد كافيتيريا الكليات؛ حيث تاهت وتخبطت أوجاع علها مسكت بقلوب هؤلاء وانزوت، فالأزمة يا سادة هي أزمة جيل يعاني من إقامة علاقات عاطفية طبيعية في النور، بعد أن حاصرته مصفوفة قيم الانفتاح الرأسمالي التي عظمت من قيم المكسب السريع والربح الأسرع، فتوارى الحب الذي يبحث عن حبيبة يتكلل حبهما ويكبر مع السعي والاجتهاد والنجاح غير المتعجل.. فلم يجده، وبعد أن تعرضوا لخطاب كراهية وعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان له بالغ الأثر فى نفوسهم وانعكس بشكل كبير على ممارساتهم حتى أصبحت حياتهم العاطفية مشوهة؛ فما بالكم بحياتهم المهنية والعملية وكيفية التعاطي معها!
ما قرأناه وسمعناه وشاهدناه في هاتين الواقعتين بالتحديد يستدعى عودة قوية للجان الأنشطة الطلابية فى جامعاتنا من جديد، والتواصل مع طلابنا واقعيا بالنزول إليهم فى المدرجات والأندية وبين كافيتريات الكليات، لتتحاور معهم وتدعوهم إلى حضور جلسات ولقاءات مع أساتذتهم للحديث عن هموهم الجامعية ومشكلاتهم النفسية والاجتماعية التي تؤرقهم والتحديات التي تواجههم، ومنها تحدى إقامة علاقات عاطفية طبيعية وسوية؛ خاصة وأن مجتمعنا المصري يعانى من أزمة تخوف فى مناقشة إقامة علاقة عاطفية سوية وطبيعية بين أبناء هذا الجيل بشفافية ووضوح، وهي جزء من أزمة أكبر تتعلق بطبيعة تربية أبنائنا على تقبل رفضهم عاطفيا أو حتى مهنيا في مستهل حياتهم وأثناء دراستهم الجامعية.
مؤسسات التنشئة الاجتماعية أيضا يجب أن تقوم بدورها بشكل فاعل خلال الفترة القادمة، سواء وسائل الإعلام أو الثقافة أو الشباب والرياضة أو مؤسساتنا الدينية الإسلامية والمسيحية، بتوجيه عدد من الحملات بل واللقاءات المباشرة مع طلاب الجامعات ومناقشة ما يؤرقهم، ابتداءً من تحديات الحياة العملية حتى مناهج كلياتهم الدراسية إلى علاقاتهم العاطفية، من أجل تفادي ما يتعرض له مجتمعنا الجامعي على نحو خاص من تحديات تواجه أبنائنا الطلاب، في ظل بيئة تُعَولِم سلوكياتهم وممارساتهم بما لا يتفق ومجتمعنا وتقاليدنا في مجتمعنا الأكبر كذلك.
للتكنولوجيا أيضا نصيب في الاشتباك مع تلك الحوادث قبل أن تتحول إلى ظاهرة، وهو ما يتمثل فى إطلاق عدد من التطبيقات التى تقدم نصائح من الأساتذة والمتخصصين فى علم النفس والاجتماع لطلبة الكليات فى جامعاتنا المصرية في كل ما يواجهونه من تحديات على المستويات كافة وكيفية تفاديها، وأتمنى أن تبادر الشركات الناشئة بإطلاق هذا النوع من التطبيقات الموجهة لطلابنا في جامعاتنا المصرية.
وأخيرا؛ أود أن أشير إلى ما نلحظه من تحول في نمط وشكل العلاقات بين طلاب جامعاتنا -علاقات عاطفية أساسها الحب والود والرحمة- تحولت إلى طعنات تهدد منابر جامعاتنا المصرية العريقة.. وهنا يجب أن نؤكد مرة ثانية على ضرورة تفعيل الدور الاجتماعي لمؤسسات التنشئة الاجتماعية، ولجان واتحادات الطلاب في التواصل مرة ثانية مع طلابنا؛ حتى لا نجعلهم فريسة لخطاب كراهية وعنف عولمي يغلف الكرة الأرضية الزرقاء، أي مواقع التواصل الاجتماعي التى باتت جزءا من حياتنا الرقمية في التعاطي مع المستحدثات التكنولوجية.