القاهرة 21 يوليو 2022 الساعة 03:11 م

مع تعرض العالم لجائحة كورونا تأثرت صناعة النشر بشكل كبير فى جميع أرجاء العالم؛ ومن ثم بدأت بعض دور النشر الدولية في الاعتماد على التحول الرقمي في تقديم خدمتها وصناعتها المتعلقة بنشر الكتاب وغيرها من الخدمات الثقافية للجمهور، وهو ما حافظ على ماء وجه صناع النشر سواء بتقديم بعض إصداراتهم "بي دي إف" للجمهور، أو بالبحث عن شراكة مع شركات الشحن لتقديم كتبهم المطبوعة إلى قرائهم حتى منازلهم في فترات الإغلاق، وهي جميعها أفكار مبدئية أولية لا تمت بعملية الاستفادة الحقيقية التي توفرها لهم عملية التحول الرقمي؛ ولكن هذا هو ما حدث، لعلها أفكار مرتبكة لكنها نتاج عدم استعداد بعض الناشرين أو بحثهم ما إذا تعرضوا لأزمات مثيلة لكورونا، وكان هذا التحرك سمة غالبة للناشرين المحليين أكثر من نظرائهم الدوليين الذين سبقونا في هذا المجال.
بالنظر إلى تقرير حالة النشر في الوطن العربي الذي أعده الدكتور خالد عزب مدير المشروعات بمكتبة الإسكندرية عام 2018، نجد أنه ألمح إلى مدى استفادة الناشرين العرب من الشبكات الاجتماعية في توزيع الكتب في الوطن العربي، رغم أن الإنتاج المعرفي والثقافي والعلمي في الوطن العربي أكثر من حركة النشر، وهو ما يشير إلى وجود خلل في حركة النشر العربي، وهو ما يعود لسبب رئيسي منه لكون الناشرين العرب غير مبتكرين خاصة في أوقات الأزمات، والمقصود بكونهم غير مبتكرين أعنى به أنهم غير مغامرين بإدخال المكون التكنولوجي في هذه الصناعة المهمة التي تقدر عوائدها على امتداد الوطن العربى بملايين الدولارات، خاصة مع اتجاه شركات رقمية دولية في صناعة الكتاب والنشر نحو غزو الوطن العربي عبر عشرات التطبيقات التى تقدم الكتب الصوتية، والتي لاقت إقبالا كبيرا بين القراء العرب خاصة من فئة الشباب منهم؛ وهو ما لم تتجه إليه حركة النشر العربي إلا على استحياء مع الاحتفاظ بالطرق التقليدية في تسويق إصداراتهم من الكتب وخدماتهم الثقافية!
ورغم مرور ثلاث سنوات أو ما يقرب منذ بدأت جائحة كورونا وتأثر صناعة النشر في الوطن العربى، نتساءل لماذا لم يتجه هؤلاء إلى تطبيق تقنيات إنترنت الأجسام مثل النظارات الرقمية والساعات الرقمية التي تنتجها شركات الموبايل والإنترنت ومحركات البحث في ربطها بتطبيقاتهم الرقمية، مما يوفر لمرتدي تلك النظارات عند مروره على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي على جروبات الكتب أو عند توقفه أمام دار نشر أن تقدم إليه بعض الإشعارات بإصداراتها الجديدة على سبيل المثال، أو عند بحثه عن دار نشر أو كتاب بعينه أن تتجه خوارزميات دور النشر تلك لتقديم خدماتها لمرتديها، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، لماذا لم يعظم الناشرين المحليين فى مصر تقديم خدماتهم عبر مقاطع قصيرة لجمهور تيك توك وأنستجرام رغم أن نسب مشاهدات مقاطع الفيديو التي تقدم عروض الكتب والقصص التاريخية والخاصة بالتنمية البشرية على تلك المنصات تلقى مشاهدات بالآلاف!
لماذا لم يدفع الناشر المحلي في مصر ببعض المبرمجين والمصممين وصناع المحتوى من المؤثرين في الترويج لإصداراتهم على منصاتهم التى يتابعها الآف المهتمين بمحتواهم، ولماذا يصر عدد كبير من الناشرين المحليين على الاشتراك فى معارض الكتب الواقعية بدلاً من إطلاق معارض افتراضية للكتب، على أن تشمل معاملاتهم كافة عليه عبر منظومة رقمية ابتداء من افتتاحه عبر إحدى المنصات وحتى عملية طلب الكتب من القراء وشرائها وحتى تسليمها أونلاين عبر الإيميل أو عبر خدمات البريد.
كلها تساؤلات أكثر من كونها أفكار جديدة تكشف عن مستوى من التراجع، والعمل وفقا للآليات التقليدية لدى الناشرين المحليين، رغم ما يتعرض له العالم من جائحة وأزمة اقتصادية نتاج الحرب الأوكرانية الروسية التي ألقت بظلالها على سلاسل التوريد في المنتجات والخدمات والصناعات كافة، ومن بينها صناعة الورق والنشر ككل.
|