القاهرة 19 يوليو 2022 الساعة 09:19 ص

كتب: صلاح صيام
شاعر لامع، اشتهر بشعره الرومانسي باللغة العربية واللهجة العامية وهو أكثر الشعراء شهرة لدى العامة لارتباط اسمه بعشرات الأشعار الغنائية الشهيرة التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم والتي شكلت روائع لازالت محفورة في وجدان الشعب العربي إلى الآن، تنوعت أعماله ما بين الشعر والأدب والترجمة، ولقب بشاعر الشباب.
ولد أحمد رامي في 19 أغسطس من عام 1892 في حي السيدة زينب بالقاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1914، وفي عام 1922 سافر إلى باريس في بعثه لتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، ثم حصل على شهادة في المكتبات من "جامعة السوربون"، وفى عام 1952 أُختير أمينًا للمكتبة بدار الكتب المصرية، وعمل على تطبيق ما درسه في فرنسا في تنظيم دار الكتب، وتلى ذلك انضمامه إلى عصبة الأمم كأمين مكتبة عقب انضمام مصر إليها، كما عمل رامي كمستشار لدار الإذاعة المصرية، وبعد توليه هذا المنصب لثلاث سنوات عاد لدار الكتب كنائب لرئيسها.
نال أحمد رامي تقديرا عربيا وعالميا واسع النطاق، حيث كرمته مصر عندما منحته "جائزة الدولة التقديرية" عام 1967 كما حصل على "وسام الفنون والعلوم" ونال أيضا "وسام الكفاءة الفكرية" من الطبقة الممتازة حيث قام الملك الحسن الثاني ملك المغرب بتسليمه الوسام بنفسه وانتخب أحمد رامي رئيسا لجمعية المؤلفين وحصل على "ميدالية الخلود الفني" من أكاديمية الفنون الفرنسية وقبل وفاته ببضع سنوات كرمه الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات حيث منحه درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون.
وقع أحمد رامي في حب أم كلثوم من النظرة الأولى، تحديدًا في 24 يوليو من عام 1924، حين دعاه صديقه سيد محمد فاضل ليجلس معه في حديقة الأزبكية، فذهب إليه ووجد أم كلثوم تشدو دون آلات موسيقية، وبعد انتهاء الأغنية باغتها "رامي": "مساء الخير يا ستي"، لترد أم كلثوم: "مساء الخير"، فقال لها رامي: "أنا حاضر من غربة ونفسي أسمع قصيدتي"، فغنّت أم كلثوم: "الصَبُّ تفضحُهُ عيونُه.. وتَنمُّ عن وَجْدِ شجونِه"، ومن هنا أيقن "رامي" أنه وقع في غرامها للأبد.
"ماخطرتش على بالك يوم تسأل عني".. كانت هذه الأغنية الأخيرة التي كتبها أحمد رامي لأم كلثوم، بعد 137 أغنية كتبها لكوكب الشرق دون مقابل، فهو يرى أن كلماته أثمن من أي أموال قد يُجنيها من وراء حب عمره، لينتصر الفن بأعمال فنية حققت نجاحًا غير مسبوق، ويُهزم الحب بعد أكثر من 50 عامًا قضاها "رامي" ما بين بكاء وآلام وشجن، عجز فيها أن ينجو بقلبه من قصة حب كان الرابح الوحيد منها هو الفن.
"أصون كرامتي من قبل حبي.. فإن النفس عندي فوق قلبي.. رضيت هوانها فيما تقاسي.. وما إذلالها في الحب دأبي".. كلمات كتبها أحمد رامي لأم كلثوم حين قالت له في حفل لعبد الوهاب في دار الموسيقى العربية بعد سوء تفاهم بينهما: "يا ريتني ما عرفتك يا شيخ"، لتخترق الكلمة قلبه وكأنها خِنجر، فذهب إلى منزله يُمزق صورها التي كان قد علقها على جدران منزله في كل مكان من شدة حبه لها، كما كتب لها آنذاك: "من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي، وأبيت حران الجوانح صاديا أصلى بنار الوجد بين ضلوعي".
"هفضل أحبك من غير ما أقولك.. إيه اللي حير أفكاري، لحد قلبك ما يوم يدلك.. على هواي المداري".. كتبها أحمد رامي ليعبر بها عن حبه لأم كلثوم من طرف واحد، فهي لم تبادله المشاعر نفسها، حيث أعربت خلال عدة لقاءات أنها تُحب رامي الشاعر وليس الرجل، حيث كانت تصفه دائمًا بأنه "شاعرها الذي يحترق لينير طريقها"، ورغم زواج "رامي" وإنجابه أطفالا إلا أنه كان لا يخجل في التعبير عن حبه للست، فكتب لها:"جددت حبك ليه بعد الفؤاد ما ارتاح.. حرام عليك خليه غافل عن اللي راح"، ما جعل زوجته السيدة عطا الله تنهار من الغيرة.
رفض الشاعر أحمد رامي أن يتقاضى أجرًا ثمنًا لأغانيها التي يؤلفها، مبررًا ذلك بأنه يحبها، قائلًا:
"إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكني أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هي"، إلا أنها اتهمته بالجنون قائلة له: "أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك" فردّ عليها: "نعم، أنا مجنون بحبك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعت أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنى بها".
لم يقتصر حب أحمد رامي لأم كلثوم على تأليف الأغاني فقط، بل أنه خصّص يوم إجازته كي يعلمها اللغة العربية والفرنسية والأدب العربي والشعر، كما أن شقيقات أحمد رامي علمن "أم كلثوم" الحياة القاهرية، وكيفية ارتداء الملابس العصرية.
|