القاهرة 23 يونيو 2022 الساعة 09:24 ص
ملايين الجنيهات المصرية تنفق سنوياً على " ترخيص license" برامج السوفت وير الدولية، خاصة المستوردة من شركات البرمجيات الألمانية رغم أن هناك 60 ألف شخص خريج كليات وأقسام البرمجة في مصر، ورغم أن هناك ما يقرب من 20 ألف شخص "فري لانس" في مصر، ورغم وجود عدد كبير من الشركات الناشئة "startup" في مجال البرمجيات والتطبيقات الرقمية، ورغم الاتجاه الكبير نحو إطلاق حاضنات الأعمال الرقمية، ورغم ورغم، ومع ذلك مازلنا ننفق على تراخيص السوفت وير الدولية التي تتدخل كمكون رئيس في كافة نماذج الأعمال الرقمية بمؤسساتنا؛ وهو ما يدعونا أن نتسائل عن مدى التفاتنا إلى أهمية شراء تراخيص السوفت وير الدولية، خاصة وأن هذا الأمر يرتبط بشكل كبير بكونه أحد المطالب الملحة الآن لكونه يمثل أحد أهداف الأمن القومي المصري.
خلال الأيام القليلة الماضية حضرت جلسات مؤتمر "وطن رقمي" في نسخته السابعة على مدار يومين، واستمعت إلى كافة ما طرحه رواد الأعمال الرقميين من أصحاب شركات ناشئة في مجال البرمجيات، وخبراء من شركات دولية في هذا المجال مثل مايكروسوفت وآى بي إم وغيرها من الشركات والمنصات المهتمة بمجال رقمنة الخدمات، في وقت تشهد فيه الدولة المصرية تحولاً كبيراً على عملية رقمنة كافة الخدمات المقدمة من قبل مؤسساتنا وقطاعاتنا، وهو ما يجعلني أؤكد بعد ما استمعت له من قبل هؤلاء على أن مصر في طريقها لأن تصبح مركزاً إقليميا كبيراً للبيانات تقدم الدعم اللوجستي فى قطاع الاتصالات والرقمنة، ليس هذا وحسب بل وفي أسواق المنصات الرقمية الإقليمية بل والدولية في ظل تلقى دعماً كبيراً من القيادة السياسية للدولة المصرية وعلى رأسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي دائما ما يوجه بتقديم كافة التسهيلات للشركات الناشئة في هذا القطاع الحيوي.
بالنظر إلى طبيعة المفاهيم الجديدة المصاحبة للتحول التكنولوجي في مجتمعنا المصري ودلالاتها الثقافية مثل بزوغ نجم الطبقة الإبداعية من المصممين والمبرمجين ومزودوا المنصات السحابية والعاملين في تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز وسلاسل التوريد الرقمية، نجد أن هذا القطاع في مصر يعد من القطاعات الواعدة التي ستدفع بعجلة التنمية لتحقيق ما تتطلع إليه دولتنا المصرية الرائدة في عملية التنمية المستدامة خلال الفترة من 2020 حتى 2030؛ وهو ما يتطلب بشكل مواز تسويق للثقافة العلمية للتعريف بمثل هذه المفاهيم عبر وسائل إعلامنا وصحافتنا العلمية، خاصة وأن المستقبل القريب يشهد تحولاً جذرياً على مستوى نوعية الوظائف وفرص العمل التي ستتراجع فيها الوظائف التقليدية لصالح الوظائف الإبداعية والابتكارية، والتي تلعب فيها التكنولوجيا دوراً كبيراً خاصة في ما يتعلق بقطاع الخدمات والصناعات الثقافية والإعلامية.
من الأفكار الكثيرة التي أثيرت في هذا المؤتمر الهام والتي تعد مطلباً ملحاً لمؤسساتنا الآن مثل لماذا لا يوجد لدينا حتى الآن أول بنك مصري رقمي يقدم خدماته للجمهور في إطار علاقة ثنائية قوامها "إنسان يتعامل مع آلة"، أيضاً لماذا لا يتم التوجه بشكل كبير الفترة القادمة نحو استضافة عدد من حاضنات الأعمال للجيل الجديد من المبرمجين والمصممين ورواد الأعمال الرقميين الجُدد، على أن يتم تطويرهم وتوفير ما يلزم لهم وتتبناها الفترة القادمة مدينة الأبحاث العلمية والقرية الذكية على سبيل المثال لا الحصر، ايضاً لماذا لا ندرس بشكل كبير تقديم التسهيلات اللوجستية لحلفاء التكنولوجيا الاستراتيجيين أمثال "جوميا، على بابا، أمازون" وغيرها من الشركات في كافة القطاعات، وهو ما ينعكس بشكل كبير على الانتقال بشكل أسرع إلى الاقتراب من الوصول إلى الشمول الرقمي لكافة خدماتنا ومؤسساتنا.. وللحديث بقية.
|