القاهرة 24 مايو 2022 الساعة 10:52 ص

حوار: عيد عبد الحليم
مصطفى الشيخ فنان مصري ينتمي إلى جيل الثمانينيات، يرسم الكاريكاتير بشكل حر، حيث نشر تجاربه في عدة منابر صحافية ما بين الصحف القومية وصحف المعارضة، يرأس الشيخ حاليا الجمعية المصرية للكاريكاتير، و يرى الشيخ أن الفنان الذي يمتلك رؤية خاصة لا يمكن أن تؤثر فيه الأيديولوجيات، لأنه يمتلك ناصية النقد.
• كيف دخلت إلى عالم فن الكاريكاتير؟
• بدأت التجربة وأنا في المرحلة الابتدائية، كنت أرسم بورتريهات، وعندما كبرت حاولت التجريب في الكاريكاتير فوجدته صعبا، في البداية، لأنه يحتاج إلى نسق خاص ونسب معينة في الرسم، وبدأت مع ملحق "أيامنا الحلوة" في الأهرام، ثم بدأت التعرف إلى زملاء الفن، فالموضوع يحتاج إلى خبرة، وبدأت أكتسب هذه المهارة.. ثم بدأت أعمل في جريدة "الأحرار"، ثم جاء النشر في مجلة "كاريكاتير" برئاسة الفنان الراحل مصطفى حسين، ثم عملت في جريدة "الميدان" مع الكاتب الصحافي سعيد عبد الخالق، الذي أخذني معه في "الوفد" حين ترأس تحريرها، فكانت لي تجربة في الرسم اليومي.
• هل الرسم في جرائد المعارضة يختلف كثيرا عن الجرائد القومية؟
• السخرية والمعارضة كانت موجودة عندي منذ بداية النشر، في جريدة "الأهرام" أتذكر عددا من الرسوم التي كانت تنتقد الحكومة وتنادي بالإصلاح ولاقت إعجابا ملحوظا، وفوجئت بنشرها، كان هناك كاريكاتير عن رئيس الوزراء الأسبق د. عاطف عبيد، عن العودة للأسعار القديمة وقد جاءت لي تعليقات كثيرة حوله، المسألة تكمن في وجود المهارة والخبرة التي تجعل من الرسم شديد الدلالة ويتسم بالعمق أيضا، لكن التجربة الأهم بالنسبة لي في فترة عملي في جريدة "الوفد"، حيث كنت أحضر اجتماع مجلس التحرير وأقوم برسم كاريكاتير يتناسب مع الأحداث السياسية والاجتماعية بطريقة يومية، وتلك الفترة جعلتني متواجدا بشكل كبير على الساحة.
• التنوع في أماكن النشر هل يحتاج إلى مرونة في الأداء الفني حيث ما يناسب جريدة لا يناسب أخرى؟
• هناك فرق بين المرونة والشخصية الفنية، أنت تنظر للحدث وتضفي شخصيتك عليه، لم أشأ يوما أن أرسم أو أكتب بشكل فيه سباب، أحاول استخدام اللغة بدلالاتها المتعددة، رسمت مرة د. بطرس غالي، وكان وقتها يعرض مسلسل "أبو ضحكة جنان" عن قصة حياة الفنان إسماعيل ياسين، فرسمت له بورتريها وهو يضحك وقلت من مسلسلات رمضان أبو ضحكة جنان، وأعجب بهذا الكاريكاتير وطلب نسخة منه.
• ما الفرق بين الشخصية والنقد في فن الكاريكاتير؟
• ليس هناك فرق شاسع، السخرية نقد لكن بطريقة أخرى، أحيانا أنت تنتقد بالكتابة في الأداء، وأنا أنتقد بالرسم، ميزة فنان الكاريكاتير أنه يمكن أن ينظر المواطن البسيط للرسمة فيفهمها، فهو فن المواطن البسيط في اعتقادي.
• هل الموهبة وحدها تكفي في فن الكاريكاتير؟
• هناك أشياء كثيرة في الرسم تنعقد على الموهبة، وعلى الفنان أن يعمل ويمعن النظر في تجارب الآخرين.
• هل تعتقد أن هذه اللحظة هي لحظة الصورة؟
• هذا عصر الصورة، لأن كثيرا من الناس هجر القراءة، هناك تدنٍ في كثير من الفنون مثل السينما، قديما كان النجم يساوي عشرات الفنانين الآن وعلى الدول أن تشجع على القراءة، فلا توجد- الآن- خلفية معرفية، هناك اقتصار على طريقة واحدة، باستخدام الوسائط الإلكترونية، وهناك أشباه مواهب، وتكاد تعصر الأرض عصرا للعثور على موهبة، وهذا خطر، فالطريق للوصول إلى المستقبل هي المعرفة والتثقيف.
• بدأت في نشر رسومك بعد فترة توقف طويلة.. ما سبب تأخر النشر بالنسبة لك؟
• فترة العمل في جريدة "الوفد" طوت لي الأرض طيا، كان الزملاء يغبطونني على هذه التجربة وكان السقف أوسع، بدأ يتسع الجمهور ويزداد، كان هناك نقد حاد للحكومة وقتها كانت هذه فرصة للتواجد.. سعيد عبد الخالق أعطاني فرصة كبرى ومنحني الثقة في عملي الفني، وكان لا يأبه بالأيديولوجيات لو رأى رسما قويا.. سعيد كان صحافيا لديه النزعة الصحافية، وهي التي كانت تسيطر عليه حتى لو جاءت إملاءات حزبية، الصحافي الجاد والفنان الجاد قادر على تجاوز أي أيديولوجيات.
• بمن تأثرت؟
• المدارس متنوعة، لكن من كان قريبا من قلبي هو الفنان الراحل مصطفى حسين، فهو فنان جعل الشخصيات لها تعبير، كان يقرأ الشخصية جيدا ويجسدها على الورق، لو أنتمي فإنني أنتمي إلى مدرسة مصطفى حسين.
• لماذا لا يوجد عندنا فنان الكاريكاتير النجم كما كان في الستينيات؟
• لو حسبت عدد سكان مصر في عهد رواد فن الكاريكاتير ستجد النسبة منعدمة بالنسبة لهذا العصر، الآن لا يوجد طلاب يقتطعون من مصروفهم لشراء مجلة، فالتملق غير المسبوق من بعض الإعلاميين جعل الناس يبتعدون عن شراء المطبوعات.. المواطن عنده وعي كبير، بإحساسه وفطرته، ربما أكثر من المثقفين، أتمنى أن يكون ولاء الإعلاميين للمواطن ولله.
• كيف تختار الحدث الذي ترسمه وتعبر عنه؟
• أختار الحدث الأكثر تأثيرا في الناس سواء كان حدثا اقتصاديا أو رياضيا أو سياسيا، وأنا أحب التنوع، وقد أستفيد من خبرتي وتجاربي في الحياة في اختيار الأحداث التي أرسمها وأعبر عنها، وإذا تناولت فكرة من الأفكار لا بد أن يكون عندي اقتناع بها قبل القارئ.
• أيهما الأقرب إليك: الكاريكاتير بالصورة فقط أم الكاريكاتير الذي يصاحبه تعليق؟
• كلما كان الكاريكاتير دون تعليق كان عبقريا، لكن شعبنا المصري يتميز بخفة روحه ومفرداته، حين تستخدم هذه المفردات يستسيغ القارئ الرسم.
• كيف ترى جهود الجمعية المصرية للكاريكاتير؟
• الجمعية المصرية للكاريكاتير قطعت خطوات مهمة بتنظيم المؤتمرت المتنوعة والمتعددة للكاريكاتير، هذا يعطي للجيل الناشئ فرصا للاستفادة من الخبرات العالمية، لو أدرك فنانو الكاريكاتير أهمية ما يمر به بلدنا سوف يفيدون الأجيال القادمة.. هناك انتقال بالأنشطة إلى المحافظات، هناك عدد كبير من رسامي الكاريكاتير متمردون ومبشرون بالخير، هناك عدد لا بأس به.
|