القاهرة 17 مايو 2022 الساعة 11:05 ص
شعر: أسماء زهري
كنت لا أخاف
وأنا صغير لم أخف من الظلام
كانت الحيات تختبئ مني
إن سمعت خطواتي تهشم الأغصان
كنت أخرجها من جحورها
وأتسلى بها مفزوعة
ما أجمل أن تفزع من يفزع الجميع
كنت أصطاد الطيور وهي بين مطبات السماء
أوقعها أمام قدمي
كنت أجرح الذئاب إن هاجمت القطيع
و أعتلي التلال بقفزة واحدة
كنت فظيعا
لكن اليوم اهتز عودي الجبلي
أشهد اليوم ويشهد الجميع
أني جبان
خفت كما لم أخف
حين رأيت الخوف في عيني أبي
وهو يحيط سبعتنا بذراعيه ويخبئنا تحت المنضدة ذات القوائم المرتعشة
كان ينتظر الطلقة المميتة ولا تأتيه
فلا ترحمه ولا تستثنيه
حين قالها منذ أشهر: الحرب!
قلت: ما المفزع في الحرب؟
هل تخاف يا أبي من الموت
لقد علمتني كيف أخيف الموت
ألم تعلمني صيد الأفاعي رغم أنها قاتلة
ألم أراوغ الذئاب رغم مخالبها المراوغة
قال: الموت الذي يأتيك من إنسان
هو الموت
موت الرصاص هو الموت
الموت الذي تهرب منه
لا الموت الذي تتجرأ عليه
تبحث لك عن سماء تغطيك
وأرض تبتلعك
الموت الحقيقي
هو الذي تتمنى فيه الموت للجميع
بعضك وكلك وأهلك تتمنى أن تموتوا سويا
ولا يبقى منكم أصبع حي
فما أتعس الناجي الوحيد وما أشقى ذاكرته
يظل يسب الرصاصة التي استثنته
وأبقته لبقية عمره وحيدا
تعذبه ذاكرته
تؤلمه النظرة الأخيرة كم فيها من فزع!
الموت الإلهي الذي يصيبك وأنت متجلجل في كبريائك
غير الموت الذي يأتيك غدرا وأنت منكمش في دارك
غير الموت المحسوبة ثوانيه
تدق ساعاته في قلبك
الخوف من هذا الموت يفقدك حياتك وأنت حي
قالها ثم مات.
|