القاهرة 24 فبراير 2022 الساعة 11:28 ص
كتب: عصام حسين
تعتبر الموالد ظاهرة دينية تحمل أبعادًا اجتماعية، لكنها لا تنمو وتتحقق إلا إذا تجسدت في هيئة دينية واعتنقها جمهرة أو مجتمعات إنسانية تشترك في الأخذ والتسليم بمقتضيات الفكرة والعقيدة وراعت طقوسها ومراسمها وقامت بموجبات عباداتها، والموالد مناسبات لتحقيق نوع من المزج الفريد بين العادات والمعتقدات الشعبية وبين الشعائر والممارسات الدينية.
تعتبر الموالد ظاهرة فولكلورية تعتمد على المحافظة على التراث الشعبي وهي ظاهرة اجتماعية وثقافية حوت داخلها الأصول الدينية والجوانب الاقتصادية والثقافية والروحية فالمولد يعد عيدًا شعبيًّا دينيًّا يقام تكريما لأحد أولياء الله الصالحين.
يُعتبر المولد احتفالا بالولي حول البقعة التي يرقد فيها جثمانه أو على الأقل البقعة التي حُفظت فيها ذخائره في ضريحه ومقر دعوته في حياته، ويقول الباحث في الفولكلور لين إنه حيث يوجد قبر الشيخ يجري دائما الاحتفال بمولده.
وتعتبر احتفالية المولد أحد العناصر المهمة التي تعكس الأطياف المختلفة للمارسات الصوفية حيث تمتزج فيها أجواء القداسة والتسلية جنبًا إلى جنب فالأعداد الغفيرة التي تجتمع فيها والأضواء التي تنتشر حول الضريح فضلا عن الموسيقى وحلقات الذكر والمدح وازدحام الناس حول الباعة وألعاب التسلية كل ذلك يوحي بالطبيعة الثقافية المتنوعة لهذه الاحتفالية، فالأنشطة التي تؤدى في الموالد أنشطة دينية واجتماعية وثقافية وعلاجية وترويحية لزوار المولد فبالنسبة لهم المولد ليس فقط اتّباعا للولي بل تحررا من الضغوط الحياتية والقيود الاجتماعية، ومثل هذه الممارسات تساهم في امتصاص قلق الشباب والحفاظ على توازنهم النفسي، كما تتضمن احتفالية المولد الألعاب التقليدية للأطفال والصبية إناثا وذكورا على السواء.
وعلى ضوء الفهم الشعبي للدين يزخر المولد بألوان عديدة من الفن، وهو فن شعبي بسيط في الغالب يختلف فيه الطقس الديني إذ يمتزج بالفن في توليفة رائعة محببة إلى نفوس البسطاء.
ويرى بعض الباحثون أننا لا يمكن أن نعتبر المولد مناسبة دينية خالصة، فالمسابقات والمسارح وأكشاك المقاهي والمطاعم والغناء والرقص والضحك والتقاء الأصدقاء تعتبر إضافة علمانية وممارسات في الحياة الاجتماعية، ويرى مكرفسون أن تلك الممارسات لازمة لأي احتفال ديني لكي يعيش الدين في قلوب الناس فالاحتفال يعمّر أكثر من الشعائر الدينية ويظل عامل جذب، فالولي هنا الذي يلجأ الناس إليه للتبرك وقضاء الحاجات يصبح مقامه احتفالا يشيع البهجة ويزيل الهموم وملتقى اجتماعيًّا يقرب بين الناس.
|