القاهرة 08 يونيو 2021 الساعة 10:15 ص
بقلم: ابتسام أبو الدهب
ساد الاعتقاد باحتفال المصريين القدماء بعيد وفاء النيل، وإلقاء أجمل فتاة في المدينة في المياه أثناء طقوس الاحتفال.. سنوات وقرون حتى أصبح الأمر معروفا ومسلما به وشائع في التراث الشعبي عن قصص الفراعنة.
في البداية، كان المصريون القدماء يقدسون نهر النيل ويطلقون عليه اسم المعبود "حابي" أو "حعبي"، وخصصوا يوما للاحتفال به، لأنه سبب الاستقرار والرخاء على أرض مصر، فكان الناس يخرجون من بيوتهم يغنون له ويرقصون، كي يفيض دائما وليشكروه على ما يحمله لهم من خير سواء الطمي الذي يجعل الأرض سوداء خصبة فتنبت بالخير الأخضر والمحاصيل، أو المياه الوفيرة التي تعد أساس الحياة، فلن يعانوا الجوع أو الجفاف.
إحدى القصص الشائعة عن عروس النيل أنه في أحد الاحتفالات بعيد وفاء النيل لم يعد هناك أي فتاة جميلة بالمدينة سوى بنت الملك، والتي إذا لم تُلقَ سيغضب النيل ولن يفيض، فتصاب أرض مصر بالجفاف ويعيش المصريون في قحط، لذلك اضطر الملك أن يضحي بابنته الوحيدة، وأصابه المرض نتيجة حزنه الشديد عليها.. باقي القصة تختلف أحداثها باختلاف الروايات، فهناك من يحكي أنه في يوم الاحتفال صنعت خادمة القصر تمثالا يشبه ابنة الملك تماما لتلقيه في المياه بدلا منها ولم تخبر أحدًا، ولكن بعد أن ساءت حالة الملك قررت أن تكشف له عن سرها حتى يسعد ويستعيد عافيته مرة أخرى، وهناك رواية أخرى تحكي أن الفتاة تم إلقاؤها في النيل وبعدها ألقى الملك بنفسه حزنا عليها.
وبالرغم من تعدد القصص والحكايات، إلا أن الأمر لا يتعدى كونه خرافة، فلم يرد في أي من آثار المصريين القدماء أو كتاباتهم إشارة لتلك القصة، خاصة وأنهم كانوا حريصين تمام الحرص على تدوين كل ما له علاقة بهم وبحياتهم واحتفالاتهم، أيضا كانوا يحترمون الإنسان ووجوده فلم يفكروا في التضحيات البشرية حتى ولو كانت مقدمة إلى معبوداتهم المقدسة.
الحقيقة أن المصريين كانوا يلقون تماثيل خشبية وفواكه وطيور في المياه أثناء احتفالاتهم بعيد وفاء النيل كقربان، حتى يرضى "حابي" عنهم ولا يمنع خيره، حيث كانوا يتصورونه رجلا يعيش في أحد الكهوف بأسوان، يرسل لهم الفيضان كل عام كي تستمر حياتهم، وكانوا يسمون الفيضان باسم "وصول حابي".