القاهرة 13 ابريل 2021 الساعة 10:16 ص
بقلم: د. فايزة حلمي
طفلك لا يعطيك وقتًا عصيبًا؛ طفلك يمرُّ بوقتٍ عصيبٍ..
عندما يتجاهلك طفلك أو يهملك أو يعصيك بطريقة ما، فإن العقاب يكون نتيجة منطقيِة مفهومة، لكنها ليست فعّالة دائمًا، ولمنع حدوث سلوك مشابه في المستقبل؛ عليك أن تعمق قليلا وتغير اللغة التي تستخدمها لوصف طفلك حتى في رأسك.
نحن الآباء والأمهات، قد لا نفكر بشكل كافٍ في اللغة التي نستخدمها لوصف أطفالنا أو سلوكهم، فإذا كنت تربي طفلًا مصابًا باضطراب نقص الانتباه أو التوحد (ADHD أو ADD) وما زلت تستخدم أوصافًا عصبية للسلوك، فمن المهم أن تدرك كيف أن هذا غير مفيد وغير صحي تمامًا.
على سبيل المثال؛ يأتي ابني من المدرسة ويضع حذاءه في منتصف أرضية المطبخ، أطلب منه أن يلتقط حذاءه ويضعه في مكان الحذاء المخصص (بجانب الباب)، ابني لا يمتثل للطلب، لكن هل يرفض فعلاً؟ في هذه الحالات التي تبدو وكأنها رفض، يجب أن أذكّر نفسي بالتوقف وأسأل: هل يرفض رفضًا قاطعًا اتباع تعليماتي؟ أم أن هناك شيئًا آخر يحدث هنا؟
يبلي الأطفال بلاءً حسنًا إذا استطاعوا، ليس "عندما يريدون ذلك" ولكن عندما يستطيعون ذلك، عندما تبدأ النظر بهذه العدسة على سلوك طفلك غير المرغوب فيه، يكون لديك عقلية لحل السلوك السيئ، مثل معظم تعديلات الوالدية، ليس من السهل تبنّي هذه العدسة، أي التوقف عن السؤال: ما هو العبء أو العقبة التي تمنع طفلي من اتباع تعليماتي في هذا الوقت؟ هل طفلي يرفض رفضا قاطعا؟ هل أعطيت طفلي تعليمات واضحة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل رفض اتباعهم، أم أنه يكافح بطريقة ما؟.
ربما لم تستطع جذب انتباهه، ربما لم يستوعب ما قلته، أو ليس بالسرعة الكافية، ربما كان في منتصف أمر آخر عندما قدمت طلبك، ويواجه مشكلة في الانتقال إلى هذه المهمة، عندما تكتشف سبب عدم اتباع طفلك لتعليماتك، حينئذ يكون لديك لغة دقيقة لوصف الموقف، وهذا يُحدِث فرقًا كبيرًا.
هذه ليست مجرد دلالات، اللغة التي تستخدمها لوصف سلوك طفلك مُهِمة لأنها تحدد طريقة تفكيرك تجاه طفلك، "إذا كنت أفكر في أن ابني يرفض - ويعصيني عن عمد؛ فهذا يضعني في حالة مزاجية سلبية، على الجانب الآخر؛ إذا قلت لنفسي، "حسنًا، دماغ ابني لا ينظم نفسه مثل عقلي؛ ابني لا يرى أن حذاءه في غير محله، ما الذي يمكنني فعله لمساعدته في الوصول إلى النقطة التي يمكنه من خلالها وضع الأشياء بعيدًا عندما ينتهي من استخدامها؟ " هذه عمليات فكرية مختلفة، ومع المنظور الأخير؛ يمكنني الرد برأفة، مِن مكان التفاهم والرغبة في المساعدة.
عندما تضبط نفسك وأنت تستخدم كلمات مثل "يرفض"، "وقح"، "كسول"، و "غير متحمس"، توقف وخُذ دقيقة واسأل نفسَك: ما الذي يحدث؟ ما هي نية طفلي؟ هل طفلي يرفض حقًا؟ أم أن هذا الذي أراه؛ مظهر من مظاهر أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟ إذن فأنت في مكان الاستعداد للمساعدة، ثم يمكنك القيام بأشياء سيكون لها تأثير إيجابي على هذا السلوك، بدلا مِن قوْل وفِعل الأشياء التي تجعل أطفالنا يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم ولن يحسنوا السلوك.
ما هو البديل؟ هل بإمكاني أن أقول ببساطة، "ابني يرفض وضع حذاءه بعيدًا في كل مرة، يجب أن يُعاقب"، لكن هل تعتقد أن أخذ أجهزته الإلكترونية اليوم؛ سيساعده على تذكّر التخلي عن حذائه في المستقبل؟ قد يتذكر غدًا، وربما بعد غد، لكن بعد ذلك يمكنه نسيانها، فيعود إلى نفس نمط السلوك لأنني لم أمنحه المهارات والاستراتيجيات وطرق العمل التي تناسب عقله الفريد، لم أتطرق إلى جذور المشكلة، بالإضافة إلى ذلك، ربما أكون محبطًا وغاضبًا ظاهريًّا، مما يؤثر بعد ذلك على مزاج ابني وتنظيمه العاطفي.
"رَفَض" ليست كلمة الضوء الأحمر الوحيدة للوالدين، العبارات الأخرى التي أنصح الآباء بإعادة النظر فيها والقضاء عليها هي" كسول، وقح، غير متحمس، أناني، وغيرها.
تشير بعض كلمات الضوء الأحمر هذه إلى خلل في الشخصية، عندما تصف شخصًا ما بالوقاحة؛ فإنك بذلك تهاجم شخصيته وتعاطفه مع الآخرين، وتلمح إلى أنه شخص "سيء"، أنت تصنف السلوك بأنه عيب في الشخصية؛ بدلًا من قبول أنه صادر من أطفالنا، إنهم يكافحون في تلك اللحظة، إنهم يواجهون صعوبة في شيء ما، طفلك لا يعطيك وقتًا عصيبًا، طفلك يمر بوقت عصيب.
قد يفكر البعض منكم: هذه مجرد كلمات؛ ما الفرق الذي يمكنهم فعله حقًا؟ حسنًا، إنها ليست مجرد كلمات لأطفالنا، وليست مجرد كلمات في الطريقة التي تعالج بها عقولنا ما يَحدُث، كلمات الضوء الأحمر هذه؛ ليست مفيدة؛ بل تدفعنا إلى الأسفل في المساحات السلبية.
تؤثر أفكارك، أمَلك، تفاؤلك، وامتنانك؛ على نجاحك كوالد لطفل ذي احتياجات خاصة، عليك القيام بهذا العمل وممارسته لتحافظ على العقلية الصحيحة، يساعد إبعاد كلمات الضوء الأحمر على وضعك في مكان إيجابي، وهو دائمًا أكثر فائدة.
بمرور الوقت، ستلاحظ أنه كلما قمت بتغيير كلماتك ذات الصوت العالي، كلما تغيّر السرد القادم من هذا الصوت الصغير في رأسك، أعلم أن هذه ليست بالأشياء السهلة، أعلم أنني أطلب منك أن تكون متيقظًا، وأن تعمل بجد على اتباع نهج مختلف في لغتك ومنظورك، التغيير صعب، لكنه يُحدِث فرقًا كبيرًا.
تذكر أيضًا؛ أن سن نمو طفلك يتخلف بسنتين إلى ثلاث سنوات عن عمره أو عمرها الزمني، فإذا كنت تربي طفلًا يبلغ من العمر 10 سنوات؛ فإن هذا الطفل يشبه إلى حد كبير سن 7 أو 8 سنوات مِن الناحية التنموية.
تتطلب هذه الحقيقة نهجًا مختلفًا مِن الوالدية وإعادة تنظيم توقعاتك، عندما تدرك أن طِفلك لن يتصرف مثل مَن في سِنه، يجب أن تتوقف لتسأل، "كيف يمكنني إعادة صياغة هذا بطريقة تحدد مَن هو طفلي وأين هو الآن، حتى أتمكن مِن، مساعدته في الواقع؟".
عندما تبدأ في إعادة صياغة سلوك طفلك على هذا النحو، عندما تبدأ في رؤية طفلك من أجل هويته وليس من زاوية مقارنته بأقرانه أو الأطفال الآخرين في سنه؛ فهذا أمر متحرر، إنها رؤية قوية بشكل مثير للدهشة، جزئيًا؛ لأنك تستطيع أن ترى أن طفلك لا يختار القيام بشيء يخالف القواعد الخاصة بك.
أنت أيضًا تذكّر نفسَك بشَكل فعّال بأن هذا هو الدماغ الذي تعمَل معه "أحد أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه"، هذا هو المكان الذي يوجد فيه طفلك الآن، ومن وظيفتك مقابلتهم هناك؛ أنت الآن تنظر إلى هذا السلوك من منظور القبول والرحمة والتعاطف؛ وهذه الأشياء تعمل دائمًا بشكل أفضل لأطفالنا.