القاهرة 23 فبراير 2021 الساعة 08:31 ص
كتبت: زينب عيسى
"اسمها أم الفضل"، أحدث إصدارات الوسط الثقافي حاليًا للكاتب وائل بن عبد العزيز وصدرت عن دار زحمة كتاب للطبع والنشر بالقاهرة.
تبدأ أحداث الرواية في أواخر منتصف القرن التاسع عشر، حين وُلِد "محمد" وحيد الأبويين في زمن مقاومة الاحتلال والظلم والقهر والاستعباد، وكبرَ على صوت المدافع والبنادق، وتربى على حمل السلاح وهو لم يتمم الثلاث سنوات، وكان جُلّ همهِ أن يعيش وأن يُجنب والديه مشقة الحياة، ولكن للأسف لم تتحقق أمنيتهُ فرحلا شهداء هُم ومعظم أفراد قبيلته، وظلّ يحلم بالاستقرار حتى رأى "زُهرة" فنبضَ قلبهُ وأنجب مِنها ثلاثة عشر طفلا، وكم تمنى أن يسود الهدوء ويعُمّ السلام على بلاده، لكن رأى بأم عينه كيف خسر أبناءه الاثني عشر في القتال كما خسر والديه سابقا، وكم عانى حينها مِن قسوة القدر. وقبل أن تلد له رفيقة دربه ابنه أحمد طلبت منه الرحيل والهجرة إلى مدينة رسول الله صل الله عليه وسلم، وتربية آخر أبنائها بين حنايا وروابي طيبة الطيبة، فما كان منهُ بعد ما اعتصر قلبه ألمًا من فراق حبيبته إلا تلبية وصيتها.
هاجر هو وابنه أحمد، قاطعين آلاف المسافات وعابرين الكثير مِن المدن والدول، وقد اكتفيا من المخاطر والأهوال حتى بلغا مرادهم، والذي لم يكد ينعم بالصلاة في الروضة الشريفة ويتلذذ بالروحانية العظيمة إلا وتأتيه المنية تاركًا أحمد طفلًا وحيدًا بلا أب ولا أم ولا إخوة، تاركهُ فقط مع قليل مِن أسى الذكريات ووصية والدته ليقاوم بها مصاعب الحياة، والذي بدوره بعد عتمة الظلام وانحباسه في بئر الأحزان، ما كان منه سوى أن يحيا الحياة التي حُرم منها إخوته وحُرم منها الكثير مِن البشر. وبدون أي مقدمات، تم استجابة دعوات "زُهرة" بأن يكون لها من الأحفاد الكثير في أطهر بلاد، حين رأى أجمل نساء الكون "أم الفضل"، وطفق قلبهُ عشقًا بحبها، فكانت لهُ الملاذ والأمان، وكانت له سر سعادة الحياة، والبسمة التي أعادت له أنفاسه الدافئة، والتي عاهدته أن تكون له زوجة وحبيبة وصديقة وأم رؤوم لأبنائه، فما دام نبضه من بعد رحيلها ورحيل ابنه محمد الذي كان له سند وعضد، في ذاك الوقت، أُطفِئت كل الشموع، وانهارت كل القلوب، وظلت ذكرى تحيا بالخلود، حتى صعدت روحه إلى عنان السماء مستأذنة اللحاق بها في عام 2006.