القاهرة 17 نوفمبر 2020 الساعة 10:37 ص
حاورته: هبة الورداني
دائما عند الحديث عن جيل الشباب من الأدباء والمبدعين، تطل ثورة الخامس والعشرين من يناير بظلالها وتوابعها، باعتبارها الحدث الأهم المؤثر في هذا الجيل، فقد ظهر جيل جديد وظهر شكل جديد من أشكال التعبير أكثر جرأة من قبل، وأكثر تحررا من التقليدية في الكتابة. هذا الجيل في رأيي أكثر قدرة على التعبير عن أحوال مجتمعه ومحاولة تغيير سياساته وحل مشكلاته. نرى كذلك بزوغ جوائز أدبية كثيرة بقيمة مالية كبيرة خصصت كلها للإبداع والمبدعين من كتاب الرواية والشعر، والأهم هو الالتفات الواضح للمسرح وكتابه والمونودراما والدراما التليفزيونية، وما تبعه من ظهور أسماء كثيرة من مختلف الدول العربية أسهمت في العودة للاهتمام بالأدب وفنونه وظهرت جوائز تحرص على أن يكون العمل المقدم هو العمل الأول لصاحبه، وكل هذا صب في مصلحة الأدب والأدباء وأثرى القراء بقراءات وتحليلات ونقد.
وحوارنا اليوم مع أحد الفائزين بهذه الجوائز لدورتين متتاليتين في مسابقة المونودراما. محمود الكرشابي شاعر مصري من مواليد محافظة الأقصر حاصل على معهد خدمة اجتماعية.. صدر له دواوين: "رحيل أول" ديوان شعر الهيئة العامة لقصور الثقافة 2014 "كشحاذ يمسك دفترا" الهيئة العامة للكتاب 2016 "قطار المناشي" سلسلة أصوات أدبية 2019حصل على المركز الثاني في جائزة الفجيرة للموندراما لدورتين على التوالي 2018 و 2020 له تحت الطبع: "نصوص الجبانة" ديوان شعر "يتأبط ثورته" مسرحية "بستان الخير" مسرحية للأطفال.
كيف بدأت الكتابة؟
لا أعلم كيف بدأت الكتابة. لكن دعيني أجيبك على سؤال آخر: لماذا بدأت الكتابة؟
أعتقد لأنها كانت الهواية الوحيدة المتاحة فلم تكن في قريتنا ملاعب رياضية لأمارس الرياضة، ثم إن جسمي كان ضعيفًا جدًا، ولم تكن هناك إمكانية لتعلم التصوير أو الرسم ولا معاهد لتعليم البالية. لم يكن متاحًا لدينا إلا الفراغ والتأمل اللذين تتيحهما وظيفة راعي غنم في قرية في أقصى الصعيد.
ما الذي تخشاه وأنت تكتب مسرحياتك؟
أخشى ما أخشاه أن ما لا أُجِيد سواه؛ ليس جيدًا، كما أخشى رقيبي الداخلي.
هل دراستك للاجتماع أثرت على قضاياك أو اختيارك لشخوصك المسرحية؟
المفروض أن كل ما ندرس أو نشاهد يؤثر بشكل ما على ما نكتب ويظل اكتشاف مقدار هذا الأثر على القارئ.
كونك شاعرا وكاتبا مسرحيا، ما مدى هيمنة اللغة الشعرية على نصوصك المسرحية؟
لي أربعة دواوين شعرية كلها تنتمي لقصيدة النثر ولي ثلاثة نصوص مسرحية (اثنان منهم مونودراما) تنتمي كلها للمسرح الشعري!
يميل مسرح موليير إلى شخصنة الأحداث وتحويل البطل إلى محل سخرية، أنت مع هذا الاتجاه أم تراه كان يصلح لزمانه فقط، ولا يصلح لوقتنا الحاضر؟
كل حدث بالضرورة شخصي والسخرية والبطولة وجهان لشخصية البطل في النصوص وفي الحياة. أما بخصوص صلاحية إتجاه ما في زمن ما وعدم صلاحيته في زمن آخر فهذا أمر لا أعتقده الأساليب تتغير أما الاتجاهات فتبقى.
لماذا اختفت المسرحيات الشعرية في حين انتشار دواوين الشعر وظهور شعراء جدد كل يوم؟
تعاني نصوص المسرح الشعري من كل ما يعاني منه الشعر من عزوف دور النشر الخاصة والوقت الطويل الذي يمر به الدور في سلاسل وزارة الثقافة، وبالتأكيد كتابة قصيدة شعرية أسهل من كتابة مسرحية هذا غير أن طموح المؤلف المسرحي لا ينتهي عند الطباعة، بل يمتد لإخراج العمل ممثلًا على خشبة المسرح.
مسرح برنارد شو مستوحى من التراث والأحداث المحلية والعالمية بهدف تغيير المجتمع أو تحسين سلوك الناس؟ هل تتفق معه أم ترى أن هذا ليس من أهداف المسرح؟
هدف الفن أي فن هو المتعة متعة القارئ والمشاهد؛ لكن من بين نتائج قراءة أو مشاهدة الفن تغيير الأشخاص ومن ثمّ المجتمعات. وهذا التغيير ممتع في حد ذاته.
فزت بجائزتين كبيرتين في مسباقات الموندراما؟ حدثنا عن الفرق بين المسرح والموندراما؟ ولماذا الموندراما؟
موندراما تعني مسرحية الشخص الواحد حيث كل الممثليين يتقمصهم هذا الواحد حيث كل الأصوات يهمس بها أو يصرخ هذا الواحد وهذا بالطبع قريب جدًا من الشعر وهذا ما جعلني أجد نفسي أكثر في كتابة هذا النوع من المسرح
لو أتيح لك تقديم نص من نصوصك المسرحية على خشبة المسرح، ما هو العمل ولماذا هو تحديدا؟ وتختار من من الفنانين لبطولته؟
كما قلت لكِ سابقًا لي ثلاثة نصوص مسرحية فقط؛ لذلك أتمنى أن أراها كلها على خشة المسرح؛ أما بالنسبة لاختيار الممثلين فاعتقد أن هذا يدخل ضمن رؤية مخرج النص.
(.......) ألا يزعجك أن يعتبرها القارئ إسقاطا على ثورة يناير وما حدث لها؟
أم أنك تكتبها وتترك للقارئ خياله في البحث عن مقاصد كتابتها؟
ثورة يناير هي الحدث الأبرز في حياة هذا الجيل ومن صعب تجاهلها وتجاهل أثرها.
أنا شخصيًا أحب الكتابة التي تتساءل.. التي تحاول أن تفهم ولا أحب الكتابة التي تقرر وتجيب أحب الكتابة التي تحاكم ولا أحب الكتابة التي تحكم.
بالنسبة للقارئ فأنا تعجبني جدا مقولة لأدونيس "إذا كانت الكتابة محاولة لقراءة العالم؛ فإن القراءة محاولة لكتابة العالم".
هل دور الأدب هو نقد المجتمع وأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع ضرورة التخفي بزمان ومكان مختلفين؟ أم ترى أن الكتابة الأدبية مستقلة تماما عن المجتمع وأن القارئ هو ما يصر على ربط الأدب بمشكلات المجتمع؟
التخفي بزمان ومكان مختلفين هو مجرد تكنيك في الكتابة قد استعمله في النص ولا استعمله في آخر والسبب الرئيسي بالنسبة لي متعلق بحبي لقراءة التاريخ ليس أكثر.
لا توجد كتابة مستقلة عن مجتمعها وعن بيئتها.
ماذا ينقص مصر للعودة بالمسرح كما كان في الماضي؟ هل هي أزمة كتابة أم أزمة إخراج أم أزمة مشاهدين اكتفوا بالمسرح الكوميدي للهروب من مشاكله اليومية؟
بخصوص الشق الأول من السؤال فأنا –فعلا- لا أعرف.
هذا سؤال يحتاج لعدد كامل تخصصونه في مجلتكم وتستكتبون فيه نخبة معتبرة من المشغولين بالمسرح وسوف يكون عددًا مهما بالنسبة لي شخصيًا؛ أما بالنسبة للشق الثاني فأنا أعتقد –بدون أن نعفي كل من ذكرتي- أنها بالأساس أزمة دولة تخلت عن دورها في رعاية هذا النوع من الفنون الذي يحتاج للدعم والرعاية؛ فحين لا ينتج المسرح التجاري إلا المسرحيات الكوميدية فإن من واجب مسرح الدولة أن ينتج الأشكال الأخرى وحين لا تطبع دور النشر إلا الروايات فمن واجب مؤسسات النشر التابعة للدولة أن تطبع الشعر والنص المسرحي.