القاهرة 03 نوفمبر 2020 الساعة 01:45 م
بقلم : حاتم عبد الهادي السيد
تحظى سيناء بالعديد من الأبطال والمجاهدين الذين قاموا بجهود مذهلة خلف خطوط العدو، وبالتعاون مع المخابرات الحربية والعامة، وقد استخدم الشعر البدوى كشيفرة لمنظمة سيناء العربية لقيام بدو سيناء من الكلفين بعمليات خلف خطوط العدو أثناء حرب الاستنزاف، ثم أنشأ السادات عام 1969م منظمة سيناء العربية والتى ضمت حوالى أكثر من 1000 متطوع من أبناء سيناء في الشمال والجنوب، وكان من ضمن هؤلاء الأبطال الشيخ الشهيد حسين مسلم المسعودي شيخ قبيلة المساعيد, شهيد منظمة سيناء, الشهيد البطل تطوع بالعمل في منظمة سيناء العربية سنة 1967, حيث تولى قيادة مجموعات العمل الفدائي, ونفذ عدة عمليات ناجحة ترتب عليها خسائر جسيمة في العدو, وقد استشهد أثناء قيامه ببطولات خارقة ضد معسكرات العدو الصهيونى في منطقة أبو العروق بسيناء تاريخ 13/7/1970 بعد قام بعمل بطولي في التضحية والفداء شهد به العدو الإسرائيلي الغاشم.
وعن بطولاته تقول إيمان المسعودى: بعد انسحاب القوات المصرية من سيناء عقب هزيمه يونيو 1967 كانت هناك حاجة ملحة إلى وجود بديل عن الجيش الذى انسحب وكان لا بد أن يكون هذا البديل مدرباً وعلي دراية بطبيعة المكان فكانت منظمة سيناء العربية هي البديل عن الجيش أثناء فترة الاحتلال ولقد لعبت هذه المنظمة دوراً مهماً جدا في الوصول إلى نصر أكتوبر 1973وكان يشرف على هذه المنظم المخابرات المصرية ولقد كان للشهيد حسين مسلم المسعودي دور بارز في هذه المنظمة. فكان على دراية بطبيعة المكان هناك وكانت له ذاكرة قوية تحفظ أدق التفاصيل وكان اسمه الحركي داخل المنظمة (الكاميرا) فقد كان يقوم بحفظ تفاصيل المواقع أثناء قيامه بالعمليات الفدائية. وفي مساء 8 يونيو كلف مع مجموعة من زملائه بعملية فدائية داخل سيناء وتقدم هو المجموعة وأثناء زراعته لألغام أرضية أطلق عليه الإسرائيليون وابلاً من الرصاص وكتبت له الشهادة ووفقاً للبيان الصادر من المنظمة فقد كان أول شهداء منظمة سيناء العربية ولقد حصل على وسام الامتياز من الطبقة الأولي
ولقد شارك أبناء قبيلة المساعيد في تأسيس منظمة سيناء العربية والتي أسسها الرئيس محمد أنور السادات عام 1969 م، وكان هدفها القيام بأعمال فدائية ضد المحتل الإسرائيلي الغاشم الذي استولى على أرض سيناء إثر نكسة يونيو عام 1967 م، وكان من أبرز أبناء سيناء اللواء محمد اليمانى مدير المخابرات الحربية في مصر – وهو أحد أبناء عائلة اليمانى بمنطقة بئر العبد وقراها- حيث أبلى رجال القبيلة بلاء حسنا وكبدوا المستعمر الغاشم الخسائر الفادحة وكان من المساعيد حوالي 37 فرداً ويعانهم أغلب رجال قبيلة المساعيد البالغ عددهم آنذاك حوالي عشرة آلاف من الشباب والرجال، كما شاركت المرأة المسعودية في انتصارات عام 1973 م كذلك، وساعدت الجنود والرجال على الجبهة والذين يقوم بعمليات الإمداد والتموين والعمليات الفدائية داخل أراضي سيناء، ولعل وجود قبيلة المساعيد بالقرب من قناة السويس أو خط النار المشتعل بلغة العسكريين قد جعل غالبية القبيلة يشاركون في الحرب ويستبسلون في الدفاع عن الديار المصرية، فأنعم بهم من رجال حاربوا المستعمر الإسرائيلي وكبدوه الخسائر الفادحة، وعاونوا قواتنا المسلحة في الحرب، بأرفع الأوسمة العسكرية وأنواط الشجاعة والواجب العسكري ليدلل إلي أن المساعيد رجال في السلم ورجال في الحرب، ورجال في وقت الشدائد والأزمات، ولهذا ليفخر المساعيد ما شاء لهم أن يفخروا بهذه الوطنية وهذه الشجاعة، حيث بذلوا المال والدم والشهداء ودفعوا ضريبة الانتماء من دمائهم الذكية التي سالت على رمال سيناء لتخلد للأجيال قصص البطولة الوطنية وليعلم الأطفال من أبناء المساعيد وكل أبناء سيناء ومصر كلها أن المساعيد كقبيلة لها كل الفخر.
ولعل وجود (37) عضوا من أبناء المساعيد في جمعية مجاهدي سيناء ومنظمة سيناء العريش لهو الفخر لكل أبناء القبيلة، حيث أنهم بهذا العدد يمثلون أكبر قبيلة شارك أبنائها في العمليات القيادية لمجموعات الرجال التي تشكلت لمقاومة المحتل الغاشم، فللمساعيد كانت القيادة أيضاً وقت الحرب، كما كان منهم الأدلاء وقصاص الأكثر والذين أسهموا في إرشاد رجال القوات المسلحة المصرية لأماكن ودبابات العدو فتم تدميرها بفضل حضانة هؤلاء الشجعان، فليفخر المساعيد، وليفخر أبناء سيناء بدواً وحضراً بهذه الشجاعة والبطولة التي كانت لقبائل سيناء في السلم والحرب وفي صنع الانتصارات..
إن تاريخ بطولات أبناء سينا لهو تاريخ مشرف لكل أبناء سيناء، فقد اشتركت في المعركة كافة القبائل من شمال الجزيرة وجنوبها، وكافة أبناء الحضر ولا يمكن أن ننسي منظمة سيناء العربية والدور البطولي الذي قامت به خلال الفترة من بداية العدوان وحتى حرب رمضان أكتوبر المجيدة، لقد سقط من رجالها الشهداء الكثيرون، وهنا لا بد أن أذكر أول شهيد لها الشيخ حسين مسلم من قبيلة المساعيد. وكانت لهم البطولات العظيمة في المشاركة في الحروب كحرب 1948م، حيث نال كثيرون منهم شرف الشهادة، وظلّ الكثيرون يدافعون من التراب الوطني، كذلك شارك بدو سيناء في العدوان الثلاثي على سيناء عام 1956م.
ويمكننا أن نبرز دور أبناء سيناء في هذه الحروب من خلال خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أثناء انعقاد المؤتمر القومي للاتحاد القومي المصري السوري بجامعة القاهرة عام 1960م حيث قال: إن أبناء سيناء قد قدموا لقواتهم المسلحة كلّ عون أثناء وبعد عدوان عام 1956 م ولن أنسي لهم أنهم قد نقلوا الجرحى من جنود وضباط القوات المسلحة وعرضوا أنفسهم للقتل في أحلك الظروف، وقدموا للمعركة كل ما يملكون ولا زلت أقول: أهل سيناء قد عملوا، وأنهم أبطال ويستحقون منا كل تكريم، لذا كرم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المجاهدين من أبناء سيناء ومن قبيلة المساعيد ومنحوا شهادات الواجب العسكري وأنواط الامتياز من الطبقة الأولى، وهي أعلي مرتبة عسكرية في القطر من بعدهم بما فعله أجدادهم من بطولات علي رمال سيناء.
هذا ويروى لنا سالم اليماني في كتابه "سيناء الأرض والحرب والبشر" الدور الرائد لأبناء قبيلة المساعيد في الديار المصرية ومنهم البطل حسين مسلم المسعودى، قائلا: "كم سعى العديد من أبناء سيناء إلى المواقع المسئولة يطلبون إلى قيادتها شرق التطوع في خدمة القوات المسلحة، انتظاراً لليوم الموعود عارضين أنفسهم وكلّ خبراتهم بمجاهل أرضهم، وقد حظيت أعداد كثيرة منهم بهذا الشرق، وإذا كانت حرب العبور والتحرير المجيدة قبل حدوثها أملاً كم تمناه كل مصري خلاصاً من عار الهزيمة وسعياً إلى استرداد الأرض السلبية وانهاء لحالة اللاسلم واللا حرب فإن أبناء سيناء كانوا ينتظرون هذا الأمل، حيث فقدت الأرض بعد نكسه 1967م، وكانوا لا يمسون ولا يصحبون إلا على ذكريات طفولتهم بها وضربهم بين رمالها وجبالها وأوديتها، وفي شهر يوليو عام 1973م دعا الرئيس محمد أنور السادات إلى اجتماع سري للمحافظين وأمناء المحافظات باستراحة برج العرب وحضرنا الاجتماع الذي رأسه أنور السادات بحضور السيد ممدوح سالم نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية والسيد محمد حافظ غانم الأمين الأول للجنة المركزية، وتحدث الرئيس السادات باستفاضة عن الوضع السياسي والعسكري ثم تعرض للوفاق الدولي بين عملاقي كوكبنا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وأثره علي قضية الشرق الأوسط إلى أن قال: ليس أمامنا من فرصة سوى هذا العام 1973م ليسمع العالم صوت البارود والمدافع على جبهة قناة السويس، ثم جاءت الوفود من بدو سيناء للقاء المرحوم الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الحربية وعرضوا عليه استعدادهم اللامحدود للبذل والتضحية في سبيل تحرير الأرض.
ثم قامت الحرب في السادس من أكتوبر عام 1973م، وشارك بدو سيناء في الحرب، وشارك أبناء قبيلة المساعيد في ضع الانتصارات وسقط أول شهيد لمنظمة سيناء العربية، المرحوم الشيخ حسين مسلم من قبيلة المساعيد بسيناء.