القاهرة 08 سبتمبر 2020 الساعة 12:20 م
قصة: محمد أبوزيد
- صباح الخير
أي صباح وأي خير.. لم يبدأ يومه بَعدّ، وأنا لا أعلم ما يَحملهُ ذاك الغريب وما يحويه من مجهول، ما أشرق يوم إلا ومعه شعور بغيض يولد فيِ مع ولادةِ ضحاه وبزوغ شمسه تحرق وجداني، لا أعلم لما يساورني هذا، رغم أني لم أبدأ يومي بالأفعال التي تجلب التشاؤم، لم أر غُرابا، ولم تُطرف عيني، ولم ألمس حتى "المقص" أي تشاؤم يجلبه علينا ذاك المسكين الأسود؟ وما هو إلا طير، عجيب ذلك الإنسان ينكر الجميل، ألم يُعلمهُ ذاك الأسود مضار فعلته الدنية وكيف يواري سؤته الأولى، أم لأنه يُذكره بالحقيقة، هكذا نحن بني الإنسان، لا نحب الحقيقة ونَغضُ الطرف لنواري عقولنا عنها، أنا أكره الصباح وأمقته.
تلومني زوجتي وتقول ألا يا رجل تقول يا "فتّاح" أتذكر آخر مرة قلتها انقلَبت عيناي ورأيتها الوحيدة دون غيرها وتزوجتها حتى ما اعتدل العقل ورجع إلى رشده إذا أجد الأيام مرت وأصبحت وحيدة القرن سمينة ثرثارة لا تهتم الا بتوافه الأمور "واللي يعوزه البيت يحرم على الجامع" لا لن أقول يا فتاح حتى لا تفتح السماء وتأتيني بمصيبة أخرى، عليا أنا أذهب إلى صديقي سعيد وهو السعيد المسعود حقًا، وظيفة بالبنك، وزوجة رشيقة مدللة، على كل حال سأحاول ربما "من جاور السعيد يسعد"
اتصال هاتفي..
- سعيد وحشتني فينك..
- موجود تعالى في القهوة.
ذهبت له بالفعل فلم أره طيلة ثلاثة شهور، أنيق في مظهره، ولبق في حديثه، حتى لياقته مازالت قيد الحياة، لما لا، وهو يجمع بين خيرين، المال والزوجة، وكما هو ينعتني بالغراب، ربما لأنه يراني تعيسًا، لكني لم أسأله يوما لماذا ينعتني به هل التعاسة جلية واضحة بهذا الشكل...!
- هو انت ليه بتقولي ياغراب؟
لم أتوقع هذه الإجابة القاتلة، هذا صباح لا محالة عجيب الأطوار، جال بخاطري أن أقدم له جميع الأعذار ربما تُمحي ما قاله، لكن الإنسان حينما يمتلئ صدره بعبء ثقيل لا يتحمل فيحاول إخراجه مهما حدث، وها قد حدث.
أخبرني أنه غار بشدة حينما علم بحبي لزوجته قبل زواجه منها، لكنه يراني دوما آخذ ما لا أستحق، وأوقعني في زوجتي تلك التي أظنها بئر تعاستي وقدري الأسود، ويقول إنها أجمل وأنقى قلبًا، بل يَحسدني عليها، وكلما يراني يتذكر أنه من فعل الأفاعيل لكي يحوز على زوجته التي أراها جنة تمشي على الأرض، وهي له بئر تعاسته، أنا أذكره بجريمته، هكذا كل إنسان ينعت أي شيء يذكره بحقيقته، بغراب .
تركته في قمة فوران ثورته البغيضة التي تكاد تحرقني، وذهبت أفكر لما طيلة هذه السنوات لا أرضى بزوجتي وحياتي، السعيد اتضح أنه تعيس، وتعيس جدًا، وأنا لما ألوم عليها، ولم أوفر لها المال الذي يجعلها كما أريد والأهم أني دوما ساخط عليها، فكيف تكون لي كما أحب وأنا لها كما لا تحب... وهكذا باقي حياتي.