القاهرة 21 يوليو 2020 الساعة 11:52 ص
قصة: عبير الماغوط - سوريا
كفراشات بيض جميلة، بدين وهن يلعبن أمام البيت
.. غنت معهن السماء لحن الفرح، ورقصت لهن
ا?شجار، وا?طيار، وتماهى كل شيء حولهن بجمال..
إلى أن أحست بيد والدها تقبض بشدة على معصمها
الصغير، ويشدها من يدها إلى البيت..
ألم أقل لك ? تخرجي للعب في الخارج؟؟
لم يعد ذلك يناسبك...
تعجبت لقوله، وعيونها ترقب وجهه المزمجر . دخلت
فرأت نساء كثيرات يجلسن متبرجات، فاتحي ثغورهن
بالضحك.. تت?? أنيابهن عاكسة الضوء.. وأيديهن
مثق?ت بحملهن.. بألوان ذهبية تسطع كسطوع شمس
حارقة في صحراء قاحلة... كن ملتفات حول بعضهن،
بان من لباسهن الزاهي أنهن لسن في مأتم! نظرت
إليهن باستغراب، ودخلت غرفتها مع والدتها المتبسمة
عنوة...
لماذا كل نساء الحي لدينا؟؟
منظرهن مخيف يا أمي!
ش... ش.. أخفضي صوتك!
كنا نحلم أن يدخل بيتنا مثل أولئك ذوي الحسب
والنسب وا?موال الطائلة.. إن الله اصطفاك من بين
البنات لتعيشي بهذا النعيم.. نظرت إلى أمها
باستغراب لك?مها، وفرحت بالثوب الجديد الذي
أخرجته لها من الحقيبة..
تعالي ?ساعدك على ارتدائه إنه لك..
ركضت باتجاهها وأردفت:
إنه يشبه الذي نراه في برامج ا?طفال.. سندري?..
يشبهه تماما..
سأصبح سندري? عندما أرتديه...
أسدلت ا?م نظرها إلى ا?رض وتابعت مساعدتها في
ارتدائه.. نسمة مشرقة بدت، نور طفولي يسطع من
وجهها الفرح..
كم تبدين جميلة يا ابنتي..
تقولها، ودمعتان ساخنتان تتسابق على وجنتيها..
وتخرج حذاء صغيرا يناسب قدمي الطفلة.. وحذاء
أيضا؟...
سأخرج لتراني صديقاتي أمام البيت بهذه الحلة
الجديدة..
? يا ابنتي... لن تستطيعي الخروج واللعب معهن
مجددا... قطعت كلمات ا?م فرحها بالثوب الجديد...
وأعادت إليها نظرة والدها المزمجر وهو يسحبها من
رفيقاتها، فسرى الخوف في قلبها...
ولماذا يا أمي؟..
ستذهبين إلى بيت زوجك..
وصمت غريب يعم المكان.. لم تفهم الطفلة معنى ك?م
والدتها. أمسكت ا?م بيد طفلتها، وأخرجتها إلى النساء
. نظرن إليها نظرة المنتصر في الحرب.. أخذنها من
يدها، وتركت عنوة يد ا?م.. بنظرات بريئة تتطلع إلى
الوراء... بقي وجهها للخلف وهن يسحبنها... وكأنها
لا تريد النظر ل?مام.. فتحن باب السيارة، حاولن
إدخالها، وبصوت مرتجف خائف قالت ?مها:
أعطني لعبتي الصغيرة يا أمي، لقد تركتها على
الكرسي.