القاهرة 10 يوليو 2020 الساعة 11:28 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
قديماً كان عالم "الجريمة" مليئ بالشعارات التى تبرر، وكأن الجريمة فى حاجة للدعم، مرة يطرح بعض العلماء ارتباط المجرم بملامح خاصة؛ وكأنه ولد "مجرماً" وبالتالى لاذنب له؛ على الرغم أن الكثيرين ولدوا بذات الملامح ولم يصبحوا مجرمين!
وطرح آخرون "الفقر" كطريق لابد وأن يؤدى لذات المصير، ويتجاهلون أن كثيرين من العظماء كانوا بذات الفقر، وفى كل الأحوال كانت "الظروف" الشماعة التى من السهل أن تكون منبعاً للجريمة.
وهكذا رأينا اللص الشريف وفتاة الليل "الوطنية"، حتى إن البعض لم يكتفِ بريا وسكينه كقاتلات وأراد لهن نضالا كاذباً ومزيفاً وغير ذلك الكثير. وقدمت الدراما ذلك بكل وضوح فى موجات أفلام وكذلك المسلسلات؛ لكننا فى حالة "النصاب" نجد وجهاً آخر؛ حتى إننا عادةً لا نقف عند فكرة الجريمة، فالنصاب عادة ذكى وخفيف الدم ويخطط، ويأتى بالمعلومات ويصنع حالةً من الأخذ والرد، ولذلك ليس فى حاجة للمبررات حول شخصيته.
وها نحن نرتبط كمشاهدين وجدانياً "بالعصابة" وكأنهم ليسوا مجرمين يرتكبون جرائمهم بكل قصد؛ بل وصل الأمر إلى "الله" خلفهم فى كل مرة يشعر المشاهد بالخطر الذى يتعرضون له عله يحذرهم! حتى إن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت احتفالات وانتصارات فرحة بنجاتهم!
وقد حقق المسلسل التليفزيوني "100 وش" لأحمد وائل وعمرو الدالى والمخرجة كاملة أبو ذكرى بجدارة معادلة مختلفة تخلق منطقها الخاص. لقد حقق المسلسل نجاحاً مبهراً؛ لدرجة ارتباط المشاهد بالعصابة حتى أنه لم يقبل انتهاء أحداث المسلسل واختفاء العصابة من الحياة ؛ بل جاءت صيحات الانتصار عندما أعلنت المخرجة كاملة أبو ذكرى عن جزء ثانٍ للعمل!
قد يكون الإطار الذى اجتمعت فيه العصابة جانباً أو أن الجريمة الأولى كان ضحيتها إنسانا وحيدا ليس له قريب أو حبيب وقد مات، وكأن قبول المشاهد بالعملية الأولى صك الموافقة على العمليات التالية!
لقد نجح فريق العمل بمد خيط الارتباط مع العصابة؛ بعيداً عن الضحايا الذين كانوا مسالمين خسر بعضهم الملايين؛ فلم نجد من الضحايا على امتداد بعض الحلقات سوى "القريب" الذى لم يزور قريبه سنوات ولم يسأل عنه لحظة، ويريد حقه الشرعى فى الميراث! بالاضافة إلى ضحايا "فاسدين" قد يراهم المشاهد يستحقون النصب!
جاء المسلسل بمفهوم مختلف لتكوين العصابة وأفرادها وعلاقاتهم الإنسانية التى تجعل كل منهم يرضى باقتسام "النصباية" مع الآخرين، وقد يكون "الحب" بين طرفى النقيض جانب. فمن يريد نهاية تعيسة لقصة الحب تلك، قد اجتمعت عدة جوانب تحمل الكوميديا والإنسانية وكأنها خليط ال "100" وش. لقد صدقنا خبراء الجريمة عندما أكدوا أنه لا وجود لجريمة كاملة، لكن هؤلاء الخبراء لم يضعوا في اعتبارهم أن هناك عصابة "كاملة".. التى أحبها الملايين من أعماق قلوبهم.